تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة اليوم وضعاً اقتصادياً صعباً نتيجة التباطؤ في مبيعاتها بسبب الركود الاقتصادي، إضافة إلى قرب خضوع أنشطتها لرسوم العمالة الأجنبية وضريبة القيمة المضافة المقرر فرضهما مع بداية السنة الميلادية الجديدة. تقسم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ومن ضمنها ما يسمى بمشروعات ريادة الأعمال (رغم اختلاف الأخيرة في بعض التفاصيل) إلى منشآت متناهية الصغر وهي التي توظف 5 عمال فأقل، ويقل حجم مبيعاتها السنوي عن ثلاثة ملايين ريال. يليها في التصنيف المنشآت الصغيرة وهي التي توظف من 6 إلى 49 عاملاً، ويتراوح حجم مبيعاتها السنوية بين 3 و 50 مليون ريال، ثم المنشآت المتوسطة وهي التي يعمل بها من 50 إلى 249 عاملاً، وتتراوح مبيعاتها بين 50 إلى 200 مليون ريال في العام. أما المنشآت الكبيرة فهي بحسب تعريف هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ما يزيد عدد عمالتها عن 250 موظفاً، وتزيد مبيعاتها السنوية عن 200 مليون ريال. وبحسب هذا التصنيف فإن غالبية منشآت القطاع الخاص عندنا هي منشآت صغيرة ومتوسطة، وهو وضع طبيعي حيث تشكل هذه المنشآت ما يزيد عن 95 % من المنشآت في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المعروفة بدول "OECD " على سبيل المثال. وبالتأكيد اهتمت المملكة بدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأنشأت لها هيئة متخصصة، وجعلت تنميتها إحدى ركائز رؤية 2030 التي نصت على رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 20 إلى 35 % في إجمالي الناتج المحلي. إلا أن وضع السوق اليوم وما تواجهه المنشآت الصغيرة والمتوسطة من تحديات جعل بعضها يغلق ويخرج من النشاط والبعض الآخر يستمر على قلق، وهو أمر يتطلب وقفة جادة لحماية هذه المنشآت وضمان بقائها، فكل منشأة تخرج اليوم هي خسارة للاقتصاد لأن الجديد متردد ولن يدخل السوق في ظل الضبابية والركود التي يعيشها الاقتصاد اليوم. ورغم أن هيئة الزكاة والدخل أعلنت سابقاً عن استثناء المنشآت التي تقل إيراداتها السنوية عن مليون ريال في عام 2018 من ضريبة القيمة المضافة إلا أن هذا ليس كافياً، فالاستثناء يجب أن يشمل أيضاً كل المنشآت متناهية الصغر والصغيرة حسب التصنيف المشار إليه سابقاً (أي استثناء المنشآت التي يقل إيرادها السنوي عن 50 مليون ريال). كما أن الدعم في مقابل توظيف السعوديين يجب أن يرفع لهذه المنشآت وأن يتدرج ليكون أكبر لمتناهية الصغر ثم أقل للصغير فأقل للمتوسط وهكذا، فإن كان من غير المقبول أن تكون هذه المنشآت مرتعاً للتستر وتوظيف العمالة الأجنبية، إلا أنه بالمقابل يجب أن يكون دعم سعودتها كبيراً وسخياً ولفترة زمنية معقولة حتى لا يخسرها السوق في النهاية. ختاماً، المنشآت الصغيرة والمتوسطة تواجه اليوم وضعاً ليس جيداً في مبيعاتها نتيجة انخفاض الطلب الكلي، وهو ما يتطلب بالمقابل النظر في استثنائها ودعمها وتفضيل منتجاتها في عقود الحكومة والشركات الكبيرة في البلد ومساعدتها على التصدير واستثائها من ضريبة القيمة المضافة، فبقاؤها قوية وفاعلة مهم للتوظيف وخلق فرص العمل ودعم النمو وتحقيق رؤية المملكة 2030.