لحظات تاريخية عاشها اليمنيون الشرفاء وهم ينتفضون ضد ميليشيات الحوثي الإرهابية، ويحررون بلادهم من الظلم والاستبداد والفساد، ويهتفون بصوت واحد لليمن الدولة، ويخرجون في مسيرات وطنية لاستعادة حكم الشعب، وسلطته، وينتصرون على واقعهم المرير -الذي فشل فيه الحوثي على مدى ثلاث سنين عجاف-. الشعب قال كلمته بديلاً عن خيارات سياسية وعسكرية ناور فيها الحوثي كثيراً، وتسبب في كوارث إنسانية وأمنية واقتصادية على اليمن واليمنيين، وأثبت فشله، وسقوط مشروعه المذهبي والسياسي معاً، وتعرية خطابه، وتحالفاته، حيث لم يكن الشعب أن يرضى باختطاف دولته إلى مئات الكيلو مترات لترتمي في أحضان إيران، وتكون أداة رخيصة مأجورة في محاور الصراع الإقليمي، وتهديد جيران اليمن، وأمن المنطقة واستقرارها. اليمن العربي المتجذّر تاريخاً وجغرافيا وثقافة وأصالة يعود إلى حيث كان، ويدحر المليشيات الحوثية إلى غير رجعة، ويقطع الطريق على المشروع الإيراني في أهم شريان لنفوذه، وطائفيته، ويثبت أن شعبه الوفي ينحاز إلى عروبته، ولا يتنازل عنها، أو يساوم عليها، ويعيد الأمل إلى مستقبله، وبناء نهضته، وتوحيد صفوفه، وتعدد مكوناته وثقافاته، واحترام جيرانه وعلاقاته ومواثيقه الدولية. لقد نجحت قوات التحالف في عاصفة الحزم وإعادة الأمل من هزيمة الحوثي النفسية قبل العسكرية، وبددت أحلامه المدعومة من إيران قبل أن تمتد لتهديد أمن المملكة تحديداً، ونجحت أيضاً في تحرير 85% من الأراضي اليمنية، وتركت صنعاء كمرحلة أخيرة في معركة التحرير من دون قتال أو تدمير حفاظاً على أرواح الأبرياء الذين كان يعدهم الحوثي دروعاً بشرية؛ فكان الصبر حكمة، ودعم الشعب اليمني في الداخل وسيلة للانتفاضة على حكم المليشيات، وتحقق الهدف بأقل الخسائر الممكنة، وخرج الحوثي منهزماً، منكسراً، وتركه الملالي في إيران يواجه مصيره. الخطاب السياسي لقوات التحالف كان منطقياً في احترام مبادرة حزب المؤتمر الشعبي وقياداته في الانحياز إلى أبناء شعبه، وداعياً الأحزاب والقبائل الأخرى إلى المشاركة في التخلص من عهد التنكيل والتهديد الحوثي، وداعماً لأمن اليمن ووحدته وهويته ونسيجه الاجتماعي، وهي رسالة تختصر ملامح المرحلة المقبلة لليمن من دون تدخل إيراني، أو تواجد ميليشيات مأجورة تحمل تلك الأجندات، وهو أيضاً انتصار لقوات التحالف ليس على الحوثي، وإنما أيضاً على إيران. المشهد اليمني المقبل سيتحرر من قيود التبعية ودعوات الانفصال وهيمنة القوى الحزبية، ويكتب فصلاً جديداً نحو الديمقراطية في إدارة الحكم على أساس المشاركة السياسية، وانتخاب الرئيس الجديد، وتشكيل الحكومة، وعودة اليمن السعيد إلى حضنه العربي، والمكان الذي يليق به؛ لينتصر العرب في إحدى أهم المواجهات مع إيران وعملائها في المنطقة.