أدرك حساسية السؤال، وربما عدم قبوله، ورفضه من البعض، ولكن أهمية المرحلة وضرورتها تحتم طرح مثل هذا السؤال.. نحن نعيش مشروعاً كبيراً، وبرنامجاً وطنياً ضخماً، يتمثل في رؤية المملكة 2030، ولذا علينا بحث كافة الأسباب، والإجابة على جميع الأسئلة، بما يهيئ السبل لإنجاح تلك الرؤية وتمكينها من تحقيق أهدافها وطموحاتها، بما ينعكس إيجاباً على الوطن والمواطن. رؤية المملكة 2030 تتبنى الاعتماد على قطاع الأعمال، وأن يكون له دور كبير في تحقيق أهدافها، ومساهمة كبيرة في تنويع مصادر الدخل، والابتعاد قليلاً عن الاعتماد على مصدر واحد متمثلاً في النفط وما يرتبط به. أن هذا يعني أهمية وجود قطاع خاص، مؤسس، ومنتج، وقادر على أن يكون لكل خطواته، وبرامجه وكافة أعماله قيمة مضافة في كافة المسارات التنموية التي ترسمها الدولة، ويكون قطاع الأعمال جزءاً مهماً وفاعلاً في تحقيقها، كما هو الشأن في الكثير من الدول التي سبقتنا تنموياً. حسب الإحصاءات التي تنشر من وقت لآخر، فإن أغلب منشآت قطاعنا الخاص، وبنسبة تصل إلى 97 % هي منشآت صغيرة الحجم، ونحن نعرف جميعاً ما هذه المنشآت، وما الأعمال التي تمارسها. وفي تقرير صدر حديثاً ونشرته بعض الصحف، فإن حوالي 66 % من منشآت القطاع الخاص يعمل في مجالي التجارة والمقاولات، ونحن جميعاً، أيضاً، نعرف مدى مساهمة هذين القطاعين ودورهما في خلق اقتصاد منتج يسهم في خلق قيمة مضافة، حيث الأول يقتصر على الاستيراد والتوزيع، والآخر يعتمد في أغلبه على مشروعات الحكومة وبرامجها. حينما نتأمل في هذه الأرقام، ونقرأ ما تذكره المصادر عن الثروات المتراكمة لدى القطاع الخاص، وعن الحسابات المتضخمة في البنوك، وكذلك الأرباح الفلكية لتلك البنوك، والتي يبدو أنها لا تتأثر في أي من سنوات العسر أو اليسر الاقتصادي، وأخيراً أرقام المبالغ المتوقع استرجاعها لخزينة الدولة نتيجة التحقيق في قضايا الفساد، أقول حينما نتأمل ذلك، ندرك أن مثل هذا السؤال جدير بالطرح. إذ يبدو أن لدينا ثروات هائلة تراكمت من أعمال الاستيراد والمقاولات، يضاف إليهما بيع المخططات والأراضي البيضاء وغيرها من مجالات الأعمال المدرة للمال، مما أدى إلى تراكم ثروات طائلة، لا تتساوى أبداً مع حجم قطاعنا الخاص. إن الأمر يحتاج إلى التفاتة جادة، وتقييم دقيق لوضع وإمكانات قطاعنا الخاص، كي نتأكد أنه، فعلاً، قادر على أن يسهم في تحقيق تطلعات رؤية 2030، وإلا علينا البدء فوراً بمعالجة الخلل.