في عام 1927 ابتكرت مجلة التايم الأميركية ما يعرف بشخصية العام.. شخصية مميزة تختارها بسبب شهرتها أو نفوذها أو تأثيرها - وتضع صورتها على غلافها الرئيسي.. في أول عام (1927) اختارت المغامر تشارلز لندبرج الذي أصبح مشهوراً بفضل عبوره المحيط الأطلسي في رحلة طيران ظن الجميع أنها مستحيلة بين أميركا وأوروبا.. وفي عام 1930 اختارت المناضل الهندي غاندي كأول شخصية يتم اختيارها من خارج أميركا.. وفي عام 1935 اختارت امبراطور أثيوبيا هيلا سيلاسي (الذي غزت إيطاليا بلاده) كأول شخص من أفريقيا.. وفي عام 1938 اختارت هتلر الذي وحد الأمة الألمانية ولم يكن قد بدأ الحرب العالمية الثانية.. وفي عام 1960 خرجت عن السياق واختارت (علماء أميركا) الذين حققوا في ذلك العام قدراً كبيراً من الاكتشافات العلمية واستحوذوا على جوائز نوبل في العلوم.. وفي عام 1974 اختارت الملك فيصل كأول شخص من العالم العربي بفضل قراره الشهير بقطع النفط عن أميركا.. وفي عام 1977 اختارت الرئيس المصري أنور السادات الذي فاجأ العالم بزيارة إسرائيل عارضاً عليها السلام.. وفي عام 1982 خرجت مرة أخرى عن السياق واختارت "الكمبيوتر الشخصي" كأهم آلة جديدة يتوقع تغييرها لحياة الإنسان.. وفي عام 1988 اختارت "كوكب الأرض" في محاولة للفت الانتباه إلى معاناته من التلوث واتساع ثقب الأوزون.. وفي عام 2006 اختارتنا المجلة (أنا وأنت وكل من يدخل الشبكة العنكبوتية) كأعظم مشاركين في بناء محتوى الإنترنت.. وفي عام 2010 اختارت الشاب مارك زوكربيرج مؤسس الفيس بوك (وأصغر بليونير حينها).. وفي العام التالي اختارت (المحتجين) في مظاهرات الربيع العربي باعتبارهم الحدث الأبرز في عام 2011.. وفي عام 2014 اختارت (محاربي إيبولا) الذين عملوا على إيقاف هجمات هذا الفيروس الخطير في غرب أفريقيا.. وفي عام 2015 اختارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسبب (ليس فقط بسبب ازدهار الاقتصاد الألماني خلال حكمها) بل وموقفها الإنساني والرحيم تجاه المهاجرين السوريين.. أما آخر المُنظمين لقائمة "التايم" فكان الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب الذي قلب الطاولة وحقق مفاجأة بفوزه في الانتخابات الأخيرة (علماً أن كل رئيس أميركي يفوز في الانتخابات يدخل تلقائياً قائمة التايم في نفس العام).. ... وكان رئيس المجلة قد اعترف عام 1999 أن القائمة ظلت دائماً متحيزة لأميركا.. وكي تصبح أكثر عدلاً وتوازناً قرر إشراك القراء في التصويت لاختيار شخصية العام بدءاً من عام 2000 (من خلال رابط خاص، ينتهي في الثالث من ديسمبر من كل عام).. ولكن؛ رغم أهمية هذه الخطوة تظل القائمة في نظري متحيزة لصالح أميركا والغرب عموماً.. تأكدت من هذه الحقيقة من خلال مراجعة قوائم المصوتين (في موقع المجلة نفسها) واكتشاف أن معظمهم يعيش في أميركا الشمالية ويتابع نسختها الصادرة باللغة الإنجليزية - الأمر الذي يستثني تلقائياً كافة المتحدثين ببقية اللغات.. لهذا السبب أقترح على صحيفة الرياض أو وزارة الإعلام (أو حتى هيئة الصحفيين وجمعية الرأي حين تستيقظان من النوم) تنظيم ترشيحات سنوية مماثلة تخص عالمنا العربي ومجتمعنا السعودي على وجه الخصوص.. ... وصدقوني، سيفعلها أحدهم -عاجلاً أم آجلاً- إن لم نبادر أولاً بهذه الخطوة..