لكل وطن ضمير يسهر على شؤونه ومصالحه ويرعاها ويذود عنها أمام من يحاول العبث بها وتسخيرها لمصلحته الخاصة على حساب مقدراتنا وثرواتنا وتنميتنا التي نتطلع لها ونسعى إليها. الأمر الملكي الذي صدر مساء السبت بتشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد للكشف عن مواطن الفساد ومحاسبة المفسدين والكشف عنهم بصلاحيات كاملة تكفل للجنة القيام بالمسؤوليات المنوطة بها على الوجه الأكمل والأمثل يأتي ليكون نبراساً لما سيكون عليه مستقبل الوطن بتأسيس ثقافة مختلفة عن السابق التي انتهجت المواربة والمهادنة وتسمية الأمور بغير مسمياتها الحقيقية، ثقافة المواجهة والكشف الكامل للحقائق هي من سيوقف نزيف إهدار ثروات الوطن الضخمة التي كان المستفيد منها قلة لم يخافوا الله فاستغلوا مواقعهم ومراكزهم لتحقيق ثروات ضخمة على حساب تنمية الوطن ورفاه المواطن دون أن تتم محاسبتهم، اليوم بات الوضع مختلفاً كل الاختلاف فأي مسؤول لن يفكر في إهدار المال أو استغلاله لمنفعته الشخصية، فواقع الأمر اختلف ولم يعد كما كان، فتولي المسؤولية يعني الإنجاز والتقدم لا الوجاهة والإهدار. قرارت الملك منذ توليه سدة الحكم أحدثت نقلات نوعية، أصبحت اليوم واقعاً لا حياد عنه، فالاتجاه نحو المستقبل هو الهدف الرئيس بإزالة كل المعوقات التي كانت تعترض طريق التقدم ومنها بكل تأكيد محاربة الفساد لا مكافحته فقط، فالفساد هو السوس الذي ينخر في جسد الوطن، والمفسدون هم من يقومون بتغذيته في سبيل الحصول على أكبر المكاسب بنهب ثروات الوطن دون وازع يمنعهم أو ضمير يردعهم عن ارتكاب أفعاهم المشينة بحق الوطن أولاً وفي حق أنفسهم، هم لم يحسبوا لهذا اليوم حساباً، اعتقدوا أنهم في مأمن من العقاب فخابت حساباتهم ولن يكونون آمنين من تبعات تصرفاتهم التي ستكون وبالاً عليهم. مرحلة جديدة كلياً يمر بها وطننا، مرحلة تعتمد المصارحة والمكاشفة والمحاسبة وتسمية الأشياء بمسمياتها كما قال خادم الحرمين نصره الله "لا نخشى في الله لومة لائم، بحزم وعزيمة لا تلين".