تتجه معظم الجامعات المرموقة في العالم إلى إقرار "التعليم المدمج" بوصفه خيارًا مثاليًا يسهم في توسيع التعلم خارج الفصول الدراسية، لمساعدة غير المتفرغين للدراسة الحضورية في الحصول على درجات علمية، تطوّر مهاراتهم من جهة وتلبي حاجة سوق العمل من جهة أخرى، فضلاً عن تحقيق العائد المالي للمؤسسات الأكاديمية المقدر بملايين الدولارات إذا وُفر له الدعم الكامل. ويُعرف "التعليم المدمج" بأنه إحدى صيغ التّعليم أو التّعلّم التي يندمج فيها التّعلّم الإلكتروني مع التّعلّم الصفي التقليدي في إطار واحد، حيث توظف أدوات التّعلّم الإلكتروني سواء المعتمدة على الكمبيوتر أو على الشبكة في الدروس، كمعامل الكمبيوتر والصفوف الذكية ويلتقي المعلم مع الطالب وجهاً لوجه معظم الأحيان. مفهومه وتعريفاته يعد التعليم المدمج بمثابة تطور طبيعي للتعلم الإلكتروني، فهو يجمع بين التعليم الإلكتروني والتعليم التقليدي في إطار واحد، ولا يلغي أحدهما الآخر بل مزيج من الاثنين. يمكن تعريف التعليم المدمج بأنه: أسلوب قائم على توظيف أسلوب التعليم الإلكتروني، وما به من فوائد ومميزات مع نظام التعليم التقليدي وما يوفره من تفاعلات مباشرة وتدريب على أداء المهارات لتحقيق أكبر فائدة من العملية التعليمية. وبمفهوم آخر يعد التعلم المدمج برنامجاً تعلمياً رسمياً يدمج بين التعلم في الصف مع المدرس والتعلم عن طريق الإنترنت، ويتلقى الطالب من خلاله العلم عن طريق الإنترنت بشكل جزئي وكذلك داخل الصف مع المدرس، وبهذا الأسلوب يتحكم الطالب بوقت التعلم ومكانه ومساره وسرعة تقدمه بشكل أكبر من البرامج التعلمية التقليدية. والتعلم المدمج هو ترجمة لمصطلح (بالإنجليزية: Blended learning) التي أطلقته شركة إيبيك عام 1999 لتصف طريقة اعتمادها على الحاسوب في برامجها التعليمية، ومع تطور الإنترنت، استخدم المصطلح ليصف طريقة اعتماد التكنولوجيا في التعليم العادي في الصف. مطالبات بتطبيقه بمفهومه الغربي في التعليم الأساسي وهناك العديد من الترجمات العربية للمصطلح منها "التعلم المزيج"، "التعلم الخليط"، "التعلم الموالف"، و"التعلم التمازجي" و"التعلم المهجن". المفتوح والمدمج نظام "التعليم المدمج" يعد بديلاً للتعليم المفتوح في بعض الجامعات، كجامعة القاهرة في جمهورية مصر العربية، حيث قامت هذه الجامعة مؤخراً في إلغاء التعليم المفتوح، وتدشين نظام جديد للدراسة وهو نظام "التعليم المدمج" ليكون مع الوقت بديلاً له. كما أن أكثر الدول استخداماً للتعليم الإلكتروني من حيث عدد المؤسسات هي على الترتيب: إسبانيا، بريطانيا، إيطاليا، ألمانيا، السويد، وتركيا، بالإضافة إلى الولاياتالمتحدة الأميركية، وقد حققت صناعة التعليم عن بعد عوائد مالية قدرها 107 مليارات دولار عام 2015م منها 51 % للتعليم الإلكتروني، وستجني سوق الأنظمة التعليمية الإلكترونية خلال عام 2018م 7 مليارات دولار. وفي المملكة تعد الجامعة الإلكترونية التي تأسست عام 1432ه كجامعة حكومية من الجامعات الرائدة في التعليم المدمج على مستوى العالم العربي، حيث تتبنى نموذجًا متفردًا في التعليم المدمج من خلال الجمع بين مزايا التعليمي التقليدي ومزايا التعليم الإلكتروني عبر توظيف تكنولوجيا التعليم بكثافة في العملية التعليمية، مما جعلها تتصدر الريادة العلمية في ذلك المجال على المستوى المحلي والإقليمي، وتكون بيت خبرة فيه. وستنظم الجامعة السعودية الإلكترونية خلال الفترة من 21 إلى 23 نوفمبر 2017م مؤتمراً دولياً ل"التعليم المدمج"، وقد أوضح وكيل الجامعة الإلكترونية للشؤون التعليمية الدكتور عبدالله بن عمر النجار، أن الجامعة تسعى إلى بناء اقتصاد ومجتمع المعرفة في المملكة، وإيصال رسالة الوطن الحضارية إلى العالم من خلال التعليم المدمج الذي يعد منافسًا إن لم يكن بديلاً للتعليم التقليدي في تحقيق المخرجات التعليمية وفقاً لمتطلبات الجودة العالمية، ناهيك عن أنه بديل بامتياز لنموذج التعليم عن طريق الانتساب المطور الذي يتسم بالفصل التام المكاني والزماني بين طرفي العملية التعليمية المعلم والمتعلم. مزاياه وعيوبه وللتعليم المدمج العديد من المزايا والعيوب فمن مزاياه المرونة الكافية لمقابلة كافة الاحتياجات الفردية وأنماط التعلم لدى المتعلمين باختلاف مستوياتهم وأعمارهم وأوقاتهم، وكذلك الاستفادة من التقدم التكنولوجي في التصميم والتنفيذ والاستخدام، وإثراء المعرفة الإنسانية ورفع جودة العملية التعليمية ومن ثم جودة المنتج التعليمي وكفاءة المعلمين. وقد أثبتت دراسة أعدت عام 1998 أن دمج تقنيات المعلومات في المشروعات الصفية تحسن من ظروف تواصل المدرس مع طلابه، وبخاصة طلاب الدوام الجزئي، كما أنها سهلت للطلاب مهمة تقييمهم الذاتي لفهمهم للمواد عن طريق استخدام وحدات تقييم تعتمد الحاسوب. كما أنه يوفر تقنيات التواصل اللا متزامن عبر الإنترنت، والاستقلالية في تحديد أفضل الأساليب للتعلم الذاتي والتي يعتمدها الطالب بحسب شخصيته، ومتطلباته مما يزيد في نسبة رضاه ونجاحه في التعلم. كما أن من ميزات التعلم المدمج: خفض نفقات التعلم بشكل هائل بالمقارنة بالتعلم الإلكتروني وحده، وتوفير الاتصال وجهاً لوجه؛ مما يزيد من التفاعل بين المتعلم والمعلم، ويعزز الجوانب الإنسانية والعلاقات الاجتماعية بينهما، ويثري خبرة المتعلم ونتائج التعلم، ويحسن من فرص التعلم الرسمية وغير الرسمية. كما أنه يوفر المرونة من حيث التنفيذ على مستوى البرنامج، وتدعيم التوجهات الإستراتيجية المؤسسية الحالية في التعلم والتعليم، بما في ذلك فرص تعزيز التخصصات، وتدويل المناهج الدراسية. والمدافعون عن التعليم المدمج يؤكدون أن لهذا الأسلوب ميزتين تُفَعِلانه وهما: القدرة على تجميع البيانات حول تعلم الطلاب وتخصيص المواد التعليمية والامتحانات التي تناسب أساليب تعلم الطلاب. ومن عيوب التعلم المدمج رغم أهميته إلا أنه لن يقضي على الطرق التقليدية في التعليم، فتواجد المعلم والطالب في مكان واحد مهم جدًا للعملية التعليمية؛ لذا لن يستطيع الطالب الاعتماد على التعليم الإلكتروني فقط؛ لاعتماده على تقنيات ما تزال غير معتمد عليها، فمثلاً ما زال الإنترنت غير فعال في الكثير من الأماكن في العالم، كما أن استخدامه بشكل فعال يتطلب إلمام الطالب باستعمال التكنولوجيا بشكل جيد. ويطالب العديد من الأكاديميين بتطبيق نظام "التعليم المدمج"، بمفهومه الغربي في التعليم الأساسي، بحيث يتم دمج المواد النظرية مع المواد المهنية، تمهيدًا لإلغاء نظام الثانوية العام، والتعليم الفني، ليصبح نظام التعليم دامجًا للنظامين.