لا خلاف حول أن القوة الثقافية والمناعة التسامحية والانفتاح الفكري الإيجابي على العالم تعمل على تدمير أغلال التطرف في المجتمع؛ وهذه التوليفة المضادة للتطرف والأفكار المتطرفة هي عَصَب عملية التنمية في أي مجتمع من المجتمعات، وكَوْن التنمية عملية متحركة، وعجلتها تدفع بالاستراتيجيات والمال والعمل، كانت في السابق في عصرٍ قد يحلو للسعوديين تسميته بعصر ما قبل القضاء على الصحوة والتطرّف تُغيظ رموز الصحوة وأنصارها أو ما يُمكن نعتهم "بأعداء التنمية"! كانوا يُرجفون المجتمع بإيهامه بأفكار يسعون من خلالها إيقاف عجلة التنمية والوقوف في طريقها، تختلف المحاولات، مرة نراهم يستخدمون المبررات الدينية لغرض ضرب مشروع أو هزّ فكرته، وتاراتٍ أخرى بتجييش المجتمع تحت يافطة الفساد وضياع المال العام وإهدار الثروة، يتحدثون في أمورٍ لا يفهمونها ولا يعرفون تفاصيلها، يظنّ بعض هؤلاء أن إجادته للوعظ تؤهله لأن يرسم خطط مستقبل البلاد. ولو عُدْنَا إلى تاريخ ربط مفردة "التغريب" بالتنمية سنجد أن مفردة التغريب هي مفردة حركية تنظيمية تبنتها الجماعات الحركية وفروع الإسلام السياسي في العالم العربي وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ولأن المشروع الذي يدعو إليه البعض من الحركيين هو مشروع سياسي بالأساس، راح مشروع الصحوة المنبثق من تنظيم الإخوان يبحث عن مفردات واتهامات للحكومات حتى يبدون هم الأطهار، وتظهر الحكومات فاسدة مضلة، ولا ننسى أن هؤلاء كانوا يربطون مفرداتهم واتهاماتهم بالإسلام، وهذه عادة الحركيين، أنهم يجعلون كل أهوائهم وأغراضهم السياسية من أمر الإسلام ومن أحكامه. كما أن التنمية ليست تغريباً، إلا إن كانوا يريدون العودة بالمجتمعات التي تسير نحو التنمية إلى نمط عيش يشبه بدائية كهوف طالبان وسواها. تطوير القضاء، وتطوير التعليم، وتطوير الصحة، وتطوير كل مجالات الحياة والإدارة ليست تغريباً. بل هي حركة الحياة الطبيعية التي يجب أن تكون. لذلك ثمّن مثل سيمون هندرسون، الخبير في الشؤون الخارجية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تصريحات سمو ولي العهد في حوار نيوم قائلاً: "إن تصريحات ولي عهد المملكة، الأمير محمد بن سلمان، حول إعادة الإسلام في بلاده إلى الاعتدال كما في السابق، يعتبر تصريحاً غير اعتيادي حيث قال: "ما قاله الأمير محمد بن سلمان غير اعتيادي، فالإسلام في المملكة هو في الأصل معتدل ولكن يبقى سؤال كيف سيتمكن من إعادته لما كان عليه سيعتبر تحدياً نوعا ما". وجد الصحويون في مفردة التغريب فرصة لتحقيق أجندة مشروعهم السياسي من خلال استهداف شباب الوطن وتجنيدهم، ولا ننسى أن تنظيم القاعدة على سبيل المثال استخدم فساد الحكومات، ونشرها للتغريب، ودعاوى وجود مدارس أجنبية تفسد العقائد، وكذلك فعلت جماعة الإخوان بكل فروعها. عام 1979م كان ميلاد مشروع الصحوة؛ وسيدوّن التاريخ أن عام 2017م شهد نهاية الصحوة على يد قائدٍ عظيم حينما قال: 70 % من الشعب السعودي تحت سن ال30، وبصراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة، سوف ندمرهم اليوم، لأننا نريد أن نعيش حياة طبيعية تترجم مبادئ ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة، ونتعايش مع العالم ونساهم في تنمية وطننا والعالم".