ألقى معالي المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في افتتاح برنامج الدورة الرابعة والأربعين لمعرض بغداد الدولي. ونصت الكلمة على "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، معالي الأخ الدكتور سلمان الجميلي، أصحاب المعالي والسعادة، أيها الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يسرني أن أكون اليوم في بلدي الثاني العراق، هذا البلد العريق بحضارته والعظيم بأبنائه، وإذا كان كل عربي ومسلم يفخر بما قدّمت حضارتنا للعالم عبر العصور، فإننا، جميعاً، نُدرك دور العراق الريادي في الإسهامات الحضارية لأمتنا. واليوم، يزداد سروري وأنا أزور بغداد، مرةً أُخرى، وأشهد هذا المعرض الدولي الكبير، الذي هو واحد من شواهد انطلاقة العراق الجديد، في مسيرته الطموحة نحو الازدهار والنمو، التي تُعزز علاقاته بالعالم، وتُسهم في خلق فرصٍ لشراكات إقليمية وعالمية مميزة. أيها الحضور الكرام: تجمع البلدين الشقيقين؛ جمهورية العراق والمملكة العربية السعودية، روابط تاريخيةٌ متينة؛ ثقافيةٌ واقتصاديةٌ، لا ينتهي مداها، واليوم، تجمعُ كِلا البلدين رؤيةٌ تتوجهُ بعزيمةٍ نحو إقامة مستقبل واعد لأبنائهما، ببناء القدرات الوطنية، واستثمار الموارد، وإقامة الشراكات الثنائية، التجارية والصناعية وغيرها، لبناء اقتصاد قوي ومتنوع. وفي رؤية المملكة 2030، التي تُمثل خارطة الطريق للمستقبل، تجسيدٌ حي لهذه الأهداف، فقد كان من ضمن ما ركّزت عليه المملكة، في هذه الرؤية، تنمية وتنويع الاستثمارات والصادرات، وتطوير المنتجات السعودية بحيث تضاهي في جودتها وأسعارها السلع الأجنبية المماثلة، من خلال تعزيز القدرات، والبنية التحتية، وتيسير الإجراءات الخاصة بالمصدّرين، ودعم الشركات الوطنية، من خلال تعزيز وصول منتجاتها إلى الأسواق الاستراتيجية، ومن ضمنها، بالطبع، السوق العراقية الواعدة. وبفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل ما بُذل من جهودٍ صادقة، بلغت القيمة الإجمالية لصادرات المملكة، من السلع غير النفطية، 178 مليار ريال، ويشمل هذا المنتجات البتروكيميائية والبلاستيكيات، والمعادن عموماً بما فيها الحديد، والمعدات الثقيلة، والإلكترونيات، والإسمنت، ومواد البناء الأخرى، والمنتجات الدوائية، بالإضافة إلى المنتجات الغذائية. كما واكب ذلك تطورٌ كبير في قدرات وخبرات قطاع المقاولات والقطاعات الخدمية في المملكة. أيها الحفل الكريم، مما يجمع بين المملكة والعراق، اليوم، العديدُ من عوامل التكامل الاقتصادي، والقدرات الكامنة، في كلا البلدين، كالثروة البشرية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، وموارد الطاقة والمياه، والثروات الطبيعية المعدنية والزراعية، والقدرات الصناعية المتميزة، والجودة العالية لمنتجاتهما، والإمكانات السياحية، بما في ذلك مواسم الحج والعمرة والزيارة. ويتيح استثمارُ هذه العوامل الارتقاءَ بالتعاون بين بلدينا، بإذن الله، إلى آفاق غير مسبوقة، خاصة في ضوء ما يوجهنا به، دائماً، مولاي خادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، من تسخير أسواق المملكة وقدراتها وخبراتها لتكون عنصراً فاعلاً في خدمة العراق وشعبه العزيز، والعمل، كجهاتٍ تنفيذيةٍ، على تيسير الإجراءات المتعلقة بحركة السلع والخدمات، وإزالة القيود التي تحد من ذلك، ووضع الاتفاقيات الكفيلة بتوفير الحماية وحفظ الحقوق والترتيبات الضريبية. أيها الإخوة والأخوات، لقد أثبت التعاون وتعزيز العلاقات بين العراق والمملكة، أنه يعِد بخيرٍ كثيرٍ لكليهما، وخيرُ مثال على أهمية التعاون والتنسيق بين بلدينا، ونجاحه، ما نشهده من توجه أوضاع السوق البترولية نحو التحسن والاستقرار، نتيجة للتعاون داخل منظمة الأوبك، وتعاون الدول الأخرى المنتجة للبترول معها، ومن المؤكد أن تعاون العراق، الكامل، سيكون معززا لهذه الجهود. وبالإضافة إلى ذلك، يُمكن أن تشمل الفرصُ، التي يُبشّر بها التعاون بين بلدينا، مجالاتٍ عدة، تُتيح مُضاعفة حجم التبادل التجاري بين بلدينا. ومنها، على سبيل المثال لا الحصر؛ خدمات قطاع الزيت والغاز، ونقل وتبادل الطاقة الكهربائية، وتوفير الحلول التمويلية للمشروعات المختلفة في العراق من مصادر تمويليةٍ سعودية. كما أن مشاركةَ 59 جهة من المملكة في هذا المعرض الدولي الكبير، دليلٌ يؤكد حرص المملكة على تعزيز ودعم التعاون الشامل مع العراق الشقيق. ولا شك أن حكمة قيادتي البلدين، وحرصهما على تنمية أواصر التعاون بينهما، كان لها الدور الأساس فيما تحقق حتى الآن. وإنني لعلى يقينٍ أننا، من خلال تواصلنا المستمر واجتماعاتنا، مثل اجتماع مجلس التنسيق السعودي العراقي، الذي سيُعقد غداً، بإذن الله، برعاية سيدي خادم الحرمين الشريفين، سنبذل قُصارى جهدنا، متعاونين ومتعاضدين، لدعم مسيرة التنمية في بلدينا، وتحقيق أهدافها الطموحة. وقبل أن أختم كلمتي هذه، أود، في هذا المقام، أن أُشيد بالدور المهم الذي تضطلع به الغرف التجارية؛ والذي يتمثّلُ في زيادة فرص التواصل بين القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلدين، وتنظيم المعارض، كهذا المعرض، باستمرار. وأنا متأكد أن رجال الصناعة والمال والأعمال في البلدين، يدركون جيداً أن عليهم أن يسعوا بكل جهدهم لاستكشاف الآفاق المتعددة والواسعة، والفرص المُتاحة للتعاون بين البلدين، والتأسيس لمرحلة جديدة وطموحة يُحقق فيها البلدان أعلى مردودٍ من علاقاتهما وقواسمهما المشتركة. وفي الختام، أتقدم بجزيل الشكر للقائمين على هذا المعرض المُبْهِر كافة، كما أشكر للحاضرين جميعاً حسن استماعهم، والسلام عليكم ورحمة الله".