تحتفل وزارات التعليم في العالم، كل عام بيوم المعلم الذي يصادف 5 أكتوبر، وتقوم خلاله بتكريم المعلم. ويعد هذا اليوم يومًا خاصًا للمعلمين، بل إن بعض الدول تجعله يوم عطلة للمعلم، وقد اتخذ ذلك عند بعض الدول سنوياً منذ عام 1994، وهو بمثابة إحياء لذكرى توقيع التوصية المشتركة الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1966 والمتعلقة بأوضاع المعلمين. كما أن المعلم يحتاج في ذلك اليوم إلى منحه تجديد الثقة في تربية الأجيال القادمة وفق ما تقتضيه سياسة التعليم العالمية. "يوم معلمينا" يوم الخميس الماضي رعى وزير التعليم أحمد العيسى الحفل الذي أقامته وزارة التعليم بمناسبة اليوم العالمي للمعلم الذي وافق الخامس من أكتوبر، وذلك على مسرح مبنى الوزارة بالرياض بحضور قيادات الوزارة وبعض المعلمين من الجنسين. وقال د. العيسى في هذه المناسبة: نشارك في هذا اليوم دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للمعلم، مؤمنين أن المعلم والمعلمة هما حجر الزاوية في العملية التعليمية، وهما القادران على إحداث التغيير الإيجابي المطلوب في حياة الطلاب وفي مستقبلهم العلمي والتعليمي والعملي لسنوات طويلة، ومن هذا المنطلق فإننا نقف اليوم لنحتفي في المملكة العربية السعودية بيوم المعلم، ونقدم الشكر والتقدير لأكثر من 600 ألف معلم ومعلمة يعملون بكل جد واجتهاد لأداء رسالتهم السامية. وأضاف: إن الشعار الذي اختير ليوم المعلم هذا العام وهو "تعزيز حرية التدريس وتمكين المعلمين" ليعكس حرص المنظومة التربوية على مستوى العالم على منح المعلمين مساحة من الحرية الكافية في مجال التدريس وتمكينهم من أداء رسالتهم وتعزيز الثقة بهم وتقديم الدعم المناسب من تأهيل وتدريب ومساندة في عملية التعليم والتعلم، وهذا يتطلب أيضاً أن يعمل المعلم على تعزيز ثقته بنفسه، وأن يعتني برفع مستوى عمله من خلال التزود بالثقافة العميقة بكافة العلوم، واستمرار تطوير مهارات التدريس ومهارات التقويم واستكشاف الفرص لتعزيز عمليات التعلم لدى طلابه". وقال: "إن الأثر الذي يتركه المعلم في نفوس طلابه له أثر عميق قد يمتد لسنوات طويلة وقد يبقى في نفوس الطلاب طوال حياتهم، ولهذا ينبغي للمعلم استشعار هذه المكانة وهذا الدور العظيم الذي يتركه في نفوس مئات من الطلاب لسنوات طويلة في حياتهم. وقال: إن رعاية مصالح المعلم وتسهيل أدائه لمهامه وتحقيق رضاه الوظيفي أحد أهم واجباتنا كمسؤولين في وزارة التعليم، فقد عملنا ولا زلنا نعمل للمحافظة على مكتسبات مهنة التعليم والعمل على رفع قيمتها من خلال تحسين جودة المدخلات بتطوير برامج كليات التربية ورفع نسبة القبول فيها وتخفيض عدد الطلاب في تلك الكليات، وسعينا إلى إيجاد برامج التطوير المهني المتعددة فانطلق برنامج التدريب النوعي الدولي (خبرات). "هموم المعلمين" ونظراً لما يقوم به المعلمون من دور كبير ومهم في تربية النشء، حيث يعدون حجر الزاوية في العملية التربوية والتعليمية فإن لهم هموماً يسعون دائماً لطرق أبواب مسؤولي الوزارة لحلها، ومن هنا يجب أن يكون كل مسؤول في وزارة التعليم آذاناً صاغية في "يوم المعلم" وغيره للاستماع لهموم المعلمين، لأن المعلم هو مربي الأجيال، وصانع الرجال، ووريث الأنبياء، ويحمل أسمى رسالة هي رسالة العلم، لذا فيجب أن تحفظ حقوقه ومكانته وتصان كرامته، فمن أبسط حقوقه أن يعيش حياة كريمة، خصوصاً من خلال إعطائه حقه المادي الذي كفله له النظام، وخاصة فيما يتعلق بشاغلي الوظائف التعليمية، وأن تتعاون وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية في إعطائه ما يستحقه حسب مؤهله، كما أن من الهموم التي يسعى المعلم لحلها مع وزارته حقه في التأمين الصحي، وهذا من أهم المطالب الضرورية، إضافة لذلك فرض هيبة المعلم داخل الفصول والمدرسة، ومنع تطاول الطالب على معلمه مهما كانت الأسباب، وما نسمع عنه وينشر عبر وسائل الإعلام من حوادث اعتداء يتعرض لها المعلم، فإنه يجب على الوزارة أن تتخذ بحق المعتدي الإجراءات التي تحفظ للمعلم مكانته وكرامته، لذلك يتأمل المعلمون أن تحل معضلة النقل من مدرسة لأخرى ومن منطقة ومحافظة لأخرى، كما يطالب الكثير من المعلمين في هذه المناسبة بأهمية تأسيس نقابة أو جمعية للمعلمين ترعى وتحفظ حقوقهم فقد باتت مطلباً ضرورياً في الوقت الحالي. "آمال وتطلعات": هناك الكثير من اللقاءات التي تهتم بالمشرفين التربويين والمعلمين، التي تعقدها مكاتب التعليم وتبحث التوقعات التي تتأمل من خلالها أن تحقق في "عام المعلم" شيئاً من الحوافز المادية والمعنوية للمعلم. أحد مكاتب التعليم بالرياض وضع لائحة بحقوق المعلم ونشرها، تتضمن توفير الضمان الصحي وإنشاء المستشفيات الخاصة في مناطق المملكة، إنشاء النوادي الثقافية والاجتماعية والرياضية للمعلمين ومنسوبي الوزارة وأبنائهم. ومن المجتمع: احترام المعلم وإعطاؤه مكانته المستحقة، وتفاعل المؤسسات المجتمعية مع المعلم. ومن الإعلام :إبراز الجهود المبذولة في الميدان التربوي، وعدم تصيد الأخطاء الفردية التي قد تحصل من بعض المعلمين والبعد عن تضخيمها، والتفاعل مع المناسبات التعليمية، ومناقشة بطاقة التقويم (وما يريده المعلم من مدير المدرسة والمشرف التربوي عند الإشراف على أدائه وتقويمه) في ضوء التغييرات الكبيرة في المناهج، وطالبوا بإعادة النظر في بطاقة تقويم أداء المعلم من حيث صياغة بنودها وتوزيع الدرجات على العناصر. وإعطاء الصلاحية في تقويم المعلم لمدير المدرسة وشرح بنود البطاقة للمعلمين واستفادة مدير المدرسة والمشرف التربوي من نتائج التقويم في تحديد الاحتياجات وإعداد البرامج. وأما مدى رضا المعلم بمهنته فهناك بعض الرضى حباً بالمهنة على الرغم من الشعور ببعض الإحباط نتيجة لوجود بعض الصعوبات وتراجع النظرة الإيجابية من المجتمع نحو المعلم. "مهام المعلم": ويتناول المعلمون في اجتماعاتهم ضرورة تنفيذ مهام وواجبات المعلم، كتخطيط التدريس وتنفيذ المواقف التدريسية وإدارة الصف، ونقل القيم والمثل والعادات، وإدارة الأنشطة الصفية وغير الصفية، والتعاون والتعامل مع الإدارة والزملاء، والتعاون مع أسر الطلاب (المنزل) والإرشاد والتوجيه، والدراسة والبحث والنمو المهني، ويتطرقوا إلى أبرز حقوق المعلم منها: تأهيل المعلم ورفع مستوى أدائه وتطويره، وتشجيع البحث العلمي والتجريب، ورعاية النابغين والمتميزين من المعلمين وعلاج ما يطرأ من مشكلات للمعلم، وتمكين المعلم من تدريس تخصصه وخصوصاً في المرحلة الابتدائية، وتوفير البيئة المدرسية المناسبة، وتنمية الدافعية للمعلم لحب مهنته، ومنحه المستوى المستحق، وتحقيق الشعور بالأمن الوظيفي واحترامه وتقديره. أما ما يتطلع إليه المعلم من آمال وتطلعات فمنها أن يكون التعليم في بلادنا راقياً ومثلاً يحتذى به وتستفيد أمتنا من مخرجاته، وأن تتحقق الحقوق أعلاه. ووضع الحوافز المالية والمعنوية وتوفير ما يتحقق به التعليم من بيئة مناسبة ووسائل وخلافها. وتخفيف الأعباء الإضافية على المعلم بتهيئة طاقم إداري مساند للإدارة والمعلمين للمراقبة والإشراف، وإنشاء المستشفيات والنوادي للمعلمين في جميع مناطق المملكة، وتوفير التأمين الصحي، وإبراز دوره والمؤسسات التعليمية، وتثقيف الناشئة والمجتمع بأهميته واحترامه، وإيجاد مراكز التدريب المتخصصة في تطوير أداء المعلم، وحماية المعلم من ضعاف النفوس ووضع اللوائح والعقوبات لذلك. "معلمو فنلندا" وفي عالمنا الحديث برزت جودة التعليم في كثير من دول العالم وعلى سبيل المثال دولة فنلندا، فقد نشر مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة في عام 2008 أن فنلندا من بين أعلى المعدلات في العالم والتي تتعادل ولأول مرة مع الدنمارك وأستراليا ونيوزيلندا استناداً إلى بيانات مؤشر التعليم عام 2006، من سمات نجاح وزارة التربية والنظام التعليمي (التعليم الأساسي الموحد للفئة العمرية الواحدة) واستطاعتها إيجاد المعلمين ذوي الكفاءة العالية، الذين منحوا الاستقلالية داخل المدارس ليقوموا بدورهم المأمول. ويحظى المعلّمون في فنلندا بمكانة مرموقة قد توازي مكانة الأطباء والمحامين -وربّما تزيد أحيانًا- وتسعى الدولة إلى جذب الممتازين واستقطابهم لهذه المهنة، وتقوم بإعدادهم وتأهيلهم بصورة مكثّفة وموسّعة في الجامعات في مواضيع تخصّصهم وفي مساقات علم النفس وأساليب التربية -النظريّة والعمليّة- المتنوّعة الحديثة التي تمكّنهم من أداء مهامّهم والتعامل مع مستويات الطلاب وقدراتهم المتباينة، ويلاقي المعلّمون الدعم والتشجيع والإثراء بعد تخرّجهم وانخراطهم في العمل في المدارس مع الطلاب. ومعلّمو فنلندا للمراحل الابتدائية والإعداديّة والثانويّة هم من حملة شهادة الماجستير أو الدكتوراه. ولتسهيل العمل وجودته لا يدرّس المعلّمون أكثر من 4 حصص في اليوم، أمّا بقيّة الوقت فيقومون بالتخطيط والتحضير لعملهم أو بإرشاد الطلاب وتوجيههم، أو بإثراء أنفسهم بكلّ جديد يرتبط بعملهم، أو بالتشاور والتنسيق والتعاون مع بعضهم البعض. ويتمتّع المعلّمون بالاستقلاليّة في التدريس وبالمشاركة الفعّالة في إعداد المناهج الدراسيّة وبلورتها، وفي اختيار المضامين التي تلائم طلابهم. ويتّصف المعلّمون بالمهنيّة في عملهم، ويعتبرون التدريس رسالة ومسؤوليّة وطنيّة، ويتحلّون بالدافعيّة والحماس في ممارسة عملهم، ولا يشعرون بالملل والإحباط، وغالبًا ما يستمرّون في وظائفهم حتّى الخروج للتقاعد. "التعاون نجاح" أمّا علاقة المعلّمين ببعضهم البعض -داخل مدارسهم أو مع معلّمين خارجها- فهي علاقة ودّيّة وتعاون وانفتاح ممّا يثريهم ويرقى بمعارفهم وأدائهم. لأن دور المعلّمين في فنلندا ومن على شاكلتها من الدول تشخيص الطلاب ومعرفة قدراتهم ومستواهم ليلائموا لهم المواد والمضامين التي تتناسب مع التشخيص ليصنعوا منهم بناة المستقبل. ولقد ركزت فنلندا اهتماماتها بشكل أساسي على تطوير نظامها التعليمي، حتى أضحت أقوى دولة في التعليم عالمياً لعام 2015 وفقاً لتقرير التنافسية العالمية، وفي هذا التقرير سلط الضوء على 7 من أهم الأسباب التي جعلت فنلندا تتربع على صدارة دول العالم في مجال التعليم، وكان أحد أهم الأسباب: أنه يتم اختيار المعلمين بعناية شديدة، فلا بد أن يكونوا ذوي كفاءة عالية وحماس شديد وشغف ملحوظ بالمهنة وبالرغبة في مساعدة الآخر، فلا يكفي أن يكون المدرس حاصلاً على شهادة البكالوريوس أو الدبلوم ليتمكن من شغل وظيفة "معلم"، ولكنه لا بد وأن يكون حاصلاً على درجة الماجستير، ويتم قبول 11 % فقط من المتقدمين لشغل وظيفة المعلم، وهذا يضمن أن المتقدمين الموهوبين والأكثر حماسة هم من يستحقون شغل تلك الوظيفة. لهذا فإن التقارير عن التعليم في فنلندا تشير إلى شدة الارتباط بين المعلم والطالب، وهذه إحدى مميزات نظام التعليم في فنلندا لأن المدرسين يمكثون مع الطلاب فترة طويلة، لا تقتصر على العام الواحد وإنما تصل إلى 5 سنوات دراسية، وهذا يؤدي إلى توطيد العلاقة بين المعلمين والطلاب -الذين يبلغ عددهم 20 طالباً فقط في الفصل الواحد- وكسر جبل الجليد والتقرب منهم على المستوى الشخصي، ويدرك المعلم بشكل أكبر المستويات المختلفة لطلابه للتعامل مع كل طالب بالأسلوب الذي يناسبه. إدارات التعليم تحتفل باليوم العالمي للمعلم المعلم في فنلندا الاهتمام ببناء المعلمين