نجحت مشاركة الشباب السعودي في ترسيخ صورة مشرفة عن إيمانهم بقيمة التسامح والتعايش المجتمعي وتشجيع الإبداع في بناء أسس التنمية المستدامة، وذلك من خلال تجارب حياتية وعملية تحدثوا عنها أمام المشاركين الذين جاؤوا من مختلف أنحاء العالم، ضمن فعاليات منتدى مسك الخيرية وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي للشباب 2017م الذي انعقد يوم الجمعة 15 سبتمبر في نيويورك. الأربش: حادثة استشهاد ابني حمَّلتني مسؤولية تعزيز التعايش المجتمعي دون كراهية الكاتبة كوثر الأربش، عضو مجلس الشورى، كانت إحدى المتحدثات في المنتدى وقد عرضت تجربة شخصية عاشها معها المجتمع السعودي حين استشهد ابنها الشاب محمد العيسى نتيجة عمل إرهابي في العام 2015م، حيث روت "أم الشهيد" القصة بما واكبها من تفاصيل إنسانية لم تتوقف عند الألم الذي وصفته بالوجع الفعلي لشعور أن يموت الابن قبل أمه، وإنما تجاوزت ذلك الشعور إلى مسؤوليتها تجاه اتخاذ موقف يستشعر واجبه في الإسهام بشكل عملي في تعزيز السلم الاجتماعي. "نحن متشابهون ونريد ان نعيش دون كراهية" هذا ما قالته الأربش وهي تقدم تجربة وصفها المجتمع حينها بأنها "درس في التسامح"، وأضافت" دخلت في حالة من التساؤل قررتُ بعدها أن أفعل أي شيء حتى لا يستغل الطائفيون الحادثة من اجل خدمة مصالحهم وأجندتهم الخاصة في الوقت الذي كنت أشعر فيه بغضب داخلي نتيجة الإحساس بأن ابني قد يكون استهدف وقتل، وبالفعل فقد وجهت رسالة قلت فيها إنني وأم القاتل مواطنات في بلدنا ولا يمكن أن تزرعوا العداوة بيننا". في جانب آخر، شاركت أضوى الدخيل، وهي إحدى الشخصيات الشابة المؤثرة في مجال الإعلام الجديد في المملكة، بمجموعة من التجارب والأفكار فيما يتعلق برفع مستوى الاستفادة من التقنية في ترسيخ قيم السلام والبناء الشخصي والمجتمعي، حيث قامت باستطلاع مع قرابة 300 ألف شاب وشابة عبر برنامج السناب شات توصلت فيه إلى أنهم يستخدمون الهاتف الذكي بمعدل 8- 10 ساعات يومياً، وهو ماعلقت عليه "لا يجب قضاء كل هذا الوقت في التعامل مع محتوى سلبي". وقالت الدخيل أن لوسائل التواصل الاجتماعي إيجابيات وأضراراً في الوقت ذاته، مشيرة إلى أنه لا يجب التركيز على جانب دون الآخر، وأضافت " علينا أن نتعايش مع سلبيات هذه الوسائل ونفهمها كي لا نقع في أخطاء من وقعوا ضحايا لها، لقد أصبحنا نعيش مع هواتفنا الذكية أكثر من عيشنا لحياتنا الطبيعية وهو ما أدى إلى تهميش الكثير من أولوياتنا الأساسية، لسنا ضد التقنية ولكن يجب أن نحسن التعامل معها، نريد شيئا نستهلكه ولا يستهلكنا، لا نريد ان نكون أعداء نفسنا". الدخيل: يجب أن لا تحولنا وسائل التواصل إلى أعداء لأنفسنا.. نموذج سعودي مشرف ثالث، تمثل في مشاركة الباحثة والمهندسة مشاعل الشميمري، وهي أول سعودية تعمل في مجال صناعة الصواريخ النووية وتلتحق بوكالة ناسا الأميركية، حيث قدمت لحضور المنتدى جوانب من تجربتها الملهمة التي بدأت في طفولتها من الشغف بتوصيل الأسلاك الكهربائية وصنع الصواريخ الورقية، حتى أصبحت اليوم من أهم الأسماء العالمية التي تم تصنيفها ضمن قوائم الشخصيات النسائية المؤثرة. وتصف الشميمري مشاركتها في المنتدى بالتجربة المتفردة، وتضيف "لقد تحدثنا مع أشخاص من خلفيات متنوعة في مجالات العلوم والفنون والمجتمع، والفكرة المهمة هنا هي أن هذا التنوع الثقافي مفيد جداً في حقلي العلمي، من الرائع أن تستقطب أشخاصاً متنوعي الاهتمامات وتجعلهم ينسون اختلافاتهم ليركزوا على شيء معين ويبتكروا فيه، كل واحد فيهم يستطيع تقديم الإضافة وتوقع الاحتمالات التي قد لا تخطر في بال المتخصص، وهذا يقود لإنتاج منتجات أفضل تسهم مستقبلا في تطوير تقنيات متقدمة". الشميمري: نقاش المسائل العلمية ينتج أفكاراً نوعية مبتكرة الجدير بالذكر أن منتدى مسك الخيرية وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي للشباب 2017م هو أول فعالية دولية تنظمها مؤسسة محمد بن سلمان (مسك) الخيرية، وقد حضرها أكثر من 400 مشارك من قادة الفكر والشخصيات البارزة في مجالات التنمية والاقتصاد والمجتمع، وقد جاء المنتدى استمراراً لعمل (مسك الخيرية) مع المؤسسات العالمية بهدف تطوير الشباب السعودي وتشجيعهم على الإبداع، وإيصال تجاربهم الملهمة إلى العالم. من جهته أبدى المفكر الدكتور ديباك شوبرا تفاؤله بالدور الذي سيلعبه الشباب السعودي في مساعدة بلادهم على القيام بدور قيادي في المنطقة والعالم خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن رؤية 2030م تتضمن فرصاً عديدة لصنع مجموعة من القيادات الشابة المؤثرة في مختلف المجالات، جاء هذا خلال حديثه من على منصة منتدى مسك الخيرية وبرنامج الأممالمتحدة للشباب 2017م. وقال شوبرا الذي ألف أكثر من 70 كتاباً في مجالات الصحة والتحفيز والتنمية البشرية، إن محاضرته التي أقامها في المملكة في شهر مايو 2017م كانت بحضور عدد كبير من الشباب والشابات الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين، وهو ماجعله يتعرف على الطاقة الشبابية الواعدة ويستمع إلى أفكار خلاقة يمكن استثمارها لبناء التنمية المستدامة. شوبرا أشاد برؤية 2030 ومتفائل بالقيادات الشبابية في تعزيز دور المملكة الإقليمي والعالمي كما تطرق شوبرا إلى أهمية الاستفادة من المعطيات المعاصرة في بناء نظام حياتي واقتصادي واجتماعي متوازن، مشيراً في هذا الجانب إلى أن التقنية يمكنها أن تكون عنصراً مؤثراً في صنع السلام إذا ما أحسن استخدامها، مشيراً إلى قيادات العالم الجديدة هي التي تمتلك التفكير الناقد وتجيد طرح الأسئلة الحقيقية لتحقيق أهدافها في إيجاد عالم متسامح، مستمر التطور.