دعت رؤية المملكة 2030 إلى شراكة مطلقة مع القطاع الخاص ليكون المحرك الأول للاقتصاد، ودعم فرص الابتكار والاستثمار، وتذليل كافة العقبات أمامه للقيام بدور أكبر في التنمية، بما فيها تطوير وتفعيل المنظومة التشريعية المتعلقة بالأسواق والأعمال، وتسهيل الفرصة الاستثمارية لتملك بعض الخدمات أو تشغيلها بالكامل، أو المشاركة في تشغيلها مع القطاع الحكومي، ومن ذلك قطاعات في الصحة والتعليم والبلديات والإسكان والنقل والتمويل والطاقة والخدمات، وغيرها، وتحويل دور الحكومة من مقدم أو مزود للخدمة إلى منظم ومراقب للخدمات. وتتوقع الرؤية الوصول بمساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من (40%) إلى (65%) في 2030، وتقدم ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجيستية من المرتبة (49) إلى (25) عالمياً، والأول إقليمياً، كما يتوقع مراقبون ومسؤولون تمويل القطاع الخاص (40%) من مبادرات برنامج التحول الوطني التي يفوق عددها 540 مبادرة، وجمع نحو 200 مليار دولار عبر بيع حصص في (16) قطاعاً حكومياً -من دون أن يشمل الرقم طرح ارامكو-. المركز الوطني للتخصيص في وزارة الاقتصاد والتخطيط يسابق الزمن لاستكمال إجراءات تخصيص تلك القطاعات، وتوحيد الشروط، ووضع الاستراتيجيات، وإيجاد بيئة تنظيمية جاذبة أمام المستثمرين المحليين والأجانب، وفعلاً تكللت تلك الجهود بجاهزية قطاع المطارات والأندية ومؤسسة الحبوب للتخصيص وغيرها، بينما تستكمل بقية القطاعات إجراءات التخصيص المتعلقة بها. البعض يرى أن هذا السباق المحموم نحو التخصيص بحاجة إلى تأهيل للقطاع الخاص عبر فترة انتقالية، وإعادة هيكلة عدد من السياسات والإجراءات، ومراجعة عدد من الأنظمة ومدى اتساقها مع الرؤية، ومكافحة الفساد بالحوكمة والشفافية والمساءلة، ومنع الاحتكار، ولكن الواقع أننا تأخرنا كثيراً في برنامج الخصخصة أسوة بدول العالم المتقدمة، وكل التحديات المثارة هي محل بحث واهتمام من مركز التخصيص، والجهات العليا ممثلة بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. الخصخصة التي ننتظرها سوف تحقق عوائد مالية للحكومة، وتزيد من مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، وتخفيف العبء على الأجهزة الحكومية، وتوفير فرص العمل للمواطنين بامتيازات أفضل، ورفع مستوى الخدمات، وزيادة المنافسة بين مزوديها، وبالتالي تنخفض الأسعار. الأهم في موضوع الخصخصة أن يثق المواطن أنه ليس هدفاً في رفع اسعار أو احتكار، بل على العكس سوف يكون العميل المميز المستفيد من الخدمة، والمقيّم الأول لها، ومحل منافسة الشركات في السوق، إلى جانب أن الحكومة ستبقى منظماً ورقيباً على ما يُقدم، وضامناً له، وستكون ملاحظات المواطن محل اهتمام الجهات المخصصة عبر وسائط اتصال متعددة وسريعة.