"نفتخر كيابانيين بثقافاتنا التي باتت معروفة على مستوى المعمورة وخاصة من خلال الرسوم المتحركة (الأنيميشن)، هنالك مثلاً الكابتن تسوباسا والذي تسمونه في النسخة العربية الكابتن ماجد. شاهد أحد أساطير كرة القدم العالمية كابتن ماجد في طفولته وانطلق بعدها لعالم الكرة والاحتراف. ذلك هو زين الدين زيدان!". تلكم كلمات معالي نائب رئيس الوزراء الياباني ووزير المالية السيد آسو تارو خلال لقائي معه صيف العام الماضي في مكتبه بطوكيو. مقالة اليوم تناقش العلاقة بين الرسوم المتحركة والقوة الناعمة... بداية تجدر الإشارة إلى الأثر العميق الذي تركته الرسوم المتحركة في شخصيات الكثير من الأجيال التي شاهدتها، فمعظم لاعبي المنتخب الياباني بدؤوا كرة القدم تأثراً بالكابتن ماجد يوم كان المنتخب الياباني لا يستطيع التأهل لنهائيات كأس آسيا. فالأطفال الذين رأوا الكابتن ماجد ورفاقه يلبسون شعار بلادهم ويهزمون أقوى الفرق العالمية بشعار المنتخب الياباني كسر عندهم حاجز الرهبة وصار لديهم رصيد عال من الثقة والأمل في المستقبل وأصبحنا نسمع عن لاعبي اليابان في الأندية الأوروبية الكبرى. الأمر الطريف أن اليابان تعاني من قلة المهاجمين وكثرة لاعبي الوسط بسبب انتقال الكابتن ماجد من خانة الهجوم إلى الوسط في الجزء الثاني! بكلمة أخرى، الرسوم المتحركة يمكن أن تلعب دوراً في التربية النفسية والفكرية للأجيال الناشئة ويمكن أن تكون معول هدم ثقافي خطير إذا لم يتحكم بها. ويكفيك أن جامعة طوكيو دينكي العريقة اختارت شخصية الرسوم المتحركة (أتوم) شعاراً للجامعة التي تعد من أقوى الجامعات في مجال أبحاث الروبوت التي يمثلها (أتوم). وتجد عدداً كبيراً من علماء ومهندسي الروبوت في اليابان وحول العالم تأثروا بالرسوم المتحركة وقرروا بعدها الالتحاق بتخصصات الهندسة والروبوت ليصنعوا بأيديهم الروبوتات التي شاهدوها في طفولتهم. وفي الواقع، فعندما نتحدث عن صناعة الرسوم المتحركة فنحن نتحدث عن سوق عالمي يصل حجمه إلى حوالي مئتين وأربعة وستين مليار دولار ونتحدث عن فرص وظيفية وقوة ناعمة تستثمر فيها دول مثل الصين وماليزيا بكل قوة لتعزيز حضورها الثقافي. ويكفيك أن رئيس الوزراء الياباني السيد شينزو آبي سجل مقطع فيديو مع كل من شخصية الرسوم المتحركة (عبقور) وشخصية الألعاب (سوبر ماريو) التي خرج على الملأ في زيها في حفل اختتام أولمبياد ريودي جانيرو ضمن التسويق لأولمبياد طوكيو 2020م. وختاماً، فالرسوم المتحركة ممكن أن تكون وسيلة فعالية لهندسة المستقبل عبر القيم والمبادىء السامية والأحلام التي يتم غرسها في الأجيال الصاعدة.. والعكس صحيح!