حذرت تقارير مدعومة بآراء خبراء سودانيين من الوجود الإيراني المتنامي في القارة الأفريقية وتمدد نفوذ نظام الملالي الساعي لتوسيع وجوده في القارة السمراء. وكشف أستاذ العلوم السياسية د. محمد خليفة صديق ل»الرياض» عن الوجود الإيراني وطبيعته والأدوار التي يقوم بها، مشيراً إلى أنه أعد دراسات عديدة عنه وعن أخطاره في المستقبل القريب والبعيد. ولفت إلى أن دولة الملالي تخطط لتوسيع رقعة النفوذ الصفوي في أفريقيا عبر وجود 30 سفارة لها في دول مختلفة في الجنوب والشرق والشمال والغرب في القارة. وأكد د. صديق وجود نشاط عسكري واستخباراتي واسع لإيران، وهي متورطة في تهريب وتصنيع السلاح في بلدان أفريقية إلى جانب تكوين مليشيات عسكرية طائفية. وأوضح أن السياسة الإيرانية تقوم أولاً بنشر المذهب الشيعي بين الجماعات المسلمة في القارة، مستشهداً في هذا الجانب بتجربة الحركة الإسلامية في نيجيريا أو «إخوان نيجيريا» بزعامة إبراهيم الزكزاكي. وقال د. صديق إن هذه الجماعة المدعومة من طهران تركز في تجنيد أعضائها على خريجي بعض جامعات الشمال النيجيري المسلم مثل جامعة أحمدو بيلو وعثمان دان فوديو، مبيناً أن هذه الإستراتيجية الإيرانية يبدأ تنفيذها مع أي وجود إيراني في دول القارة وترمي إلى تكوين تنظيم مليشيا محلية موالية لها ذات بعد ديني وسياسي وعسكري. وأشار إلى وجود قوافل من البحرية الإيرانية ظلت في السنوات الأخيرة تتمدد باستمرار في سواحل أفريقيا خصوصاً الشرقي منها منذ أن بدأت تشارك في بعثات مكافحة القراصنة في خليج عدن وترسو على سواحل الصومال، فضلاً عن العلاقات الحميمة مع إريتريا التي تدعم تنظيم القاعدة الإرهابي في الصومال (حركة الشباب)، مؤكداً تورط إيران أيضاً في دعم هذا التنظيم. وأضاف د. صديق أن الإستراتيجية الإيرانية تتورط في تصدير الأسلحة لمناطق الصراعات الأفريقية بغية تحقيق مصالح سياسية وإستراتيجية، مشيراً إلى أن هذه الإستراتيجية تقوم على رافعة مذهبية وثقافية كي تستطيع من خلالها تثبيت الأقدام بعد كسب نفوس وقلوب الأفارقة. وأردف: «هذا هو بيت القصيد في الاختراق الإيراني الجديد لأفريقيا الذي يرتدي عباءة المصالح المتبادلة والوقوف في مواجهة قوى الإمبريالية والاستكبار العالمي». وفي السياق، كشف تقرير ميداني أعده مركز بحوث تسليح الصراع بالتعاون مع العديد من المؤسسات أنه من بين 14 حالة كشف فيها عن وجود أسلحة إيرانية هناك فقط أربع حالات كانت مع الحكومات والعشر الباقية مع جماعات غير نظامية. وأكد التقرير أن إيران تدعم الانفصاليين في منطقة «كاسامانس» في السنغال ومتمردي ساحل العاج، وجامبيا، وفي نيجيريا حركة إبراهيم الزكزاكي، الأمر الذي تسبب لاحقاً بقطع حكومات هذه الدول علاقاتها مع إيران. وكشف بحث ميداني بشأن النزاع في جمهورية أفريقيا الوسطى أنجزه مركز «أبحاث النزاعات المسلحة» البريطاني، أن بنادق مصنوعة في الصينوإيران انتهى بها المطاف في أيادي المتمردين في هذا البلد لتسهم في إذكاء الصراع هناك. وفي المقابل، أشارت بحوث أخرى إلى وجود نشاطات لشبكة تهريب أسلحة تدعى الوحدة 190 وهي تابعة لفيلق القدسالإيراني وظفت قرابة 24 شخصاً لتهريب الأسلحة إلى المنطقة المضطربة منذ أعوام. ولم تتردد إيران في استخدام قوتها وما تملك من قدرات عسكرية من أجل بناء التحالفات والقواعد في أفريقيا، فقد أشار تقرير مهم صدر حديثاً عن منظمة «بحث تسليح الصراع» البريطانية إلى توزيع الأسلحة الإيرانية في أفريقيا. وتشمل هذه الأسلحة راجمات الصواريخ وقذائف الهاون والألغام الأرضية، وهي أسلحة أنتجت منذ العام 2002. وشدد د. صديق على أن هذا الجهد الإيراني في أفريقيا هو جهد تخريبي يريد تدمير المنطقة، وتحويلها إلى ساحات اقتتال.