لا يختلف اثنان أن التبرع بالدم له فوائد متعددة تعود على الشخص المتبرع أولاً، وبلا شك على الشخص المحتاج لهذا التبرع ثانياً. وقبل التحدث عن إمكانية مريض السكري للتبرع بالدم أو عدم قدرته، وأهليته لذلك من عدمها، أود أن أسرد بعض الفوائد التي تعود على المتبرع بالدم والتي يجب علينا أن نضعها في الحسبان عندما نتحدث عن مريض السكري وعن إمكانية التبرع أو عدم إمكانيته. فوائد التبرع بالدم للإنسان بصفة عامة: أود هنا أن أذكر بعض فوائد التبرع بالدم والتي يجب علينا عدم حرمان مريض السكري منها، وخاصة إن لم يكن هناك ما يمنع من تبرعه بالدم. فإذا نظرنا إلى فوائد التبرع بالدم نجد أن مريض السكري من أكثر الناس حاجة لها، وقد يكون بحاجة لها أكثر من غيره من الناس، ومن هذه الفوائد تنشيط الدورة الدموية، حيث إنه بالفعل يتم تنشيط نخاع العظم لإنتاج خلايا الدم المختلفة بعد التبرع بالدم، ويقع نخاع العظم كما هو معروف داخل العظم نفسه. ويقال أيضاً عن فوائد التبرع بالدم أنه يساهم في التقليل من احتمال الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين؛ لأن التبرع بالدم يقلل نسبة الحديد في الدم، وقد ثبت علمياً أن زيادة نسبة الحديد تزيد من نسبة الإصابة بهذه الأمراض. وهذه فائدة أخرى من الفوائد التي يحتاجها مريض السكري وهي مسألة الشرايين ومسألة القلب، وهما أي القلب والشرايين عرضة لمشاكل عدة لدى مريض السكري. ومن اللطائف حول مسألة التبرع بالدم أن يقوم القائمون على التبرع بالدم بإجراء فحص كامل للمريض، وهذه فائدة أخرى لمريض السكري فقد تكون هذه زيارة إضافية له، وفحصاً إضافياً له، لم يحسب له هو نفسه حساباً. ومن المعروف أنه يتم التأكد عند التبرع بالدم من سلامة المتبرع بعد إجراء الكشف الطبي عليه من قبل الطبيب المتواجد في بنك الدم. ومن النقاط التي أود ذكرها والتي تعود بالفائدة على المتبرع بصفة عامة، ويضم ذلك مريض السكري أيضاً، أنه عند التبرع يتم التأكد من خلو المتبرع بالدم من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الدم مثل أمراض نقص المناعة المكتسبة والتهابات الكبد الفيروسية والزهري والملاريا ونحو ذلك، وذلك بعد إجراء الفحوصات المخبرية. وعند قراءتي عن موضوع التبرع بالدم وجدت أنه من الفوائد المرجوة من التبرع بالدم الفوائد النفسية وهو الشعور بالراحة حين يقوم المتبرع بهذا العمل الجليل ولما فيه من الأجر والثواب الكبير. وهذه إضافة كبيرة لمريض السكري فهو أيضاً كغيره بحاجة لهذه الراحة النفسية والتي ستنعكس إيجاباً على نفسيته وبالتالي على مستوى سكره طالما أنه لا يوجد ما يمنع هذا التبرع من مرض لدى مريض السكري أو مضاعفات مثل مضاعفات الكلى خاصة، ومضاعفات القلب والشرايين أيضاً. * ما هي الحالات التي لا يسمح فيها التبرع بالدم؟ * من خلال قراءتي لموانع التبرع بالدم، وجدت أن هناك بعض الأمور وبعض الحالات التي يمنع فيها التبرع بالدم. وتختلف الموانع من دولة إلى دولة، ومن مستشفى إلى آخر، ومن نظام صحي إلى آخر، وإن كان هناك موانع متفق عليها. ومن الأمثلة المذكورة التي تعيق التبرع هو الشخص الذي أجريت له عملية نقل دم أو أحد مكوناته أو أجريت له عملية جراحية لفترة أقل من اثني عشر شهراً، فلا يفضل السماح له بالتبرع. وكذلك الشخص المصاب بأحد الأمراض المعدية والتي ثبت أنها تنتقل عن طريق نقل الدم الملوث، ومثال ذلك مرض الإيدز أو التهاب الكبدي الفيروسي والزهري والملاريا وغيرها من الأمراض المعدية التي تنتقل بنفس الوسيلة. كما أن الشخص المصاب بأحد الأمراض المزمنة كالسرطان والقلب والصرع، فلا يسمح له بالتبرع بالدم خوفاً على صحته من هذا التبرع. وأضف إلى ذلك الشخص المصاب بأحد أمراض الدم كفقر الدم والثلاسيميا، فهو قد يكون بحاجة لمن يتبرع له بالدم من ناحية، ومن ناحية أخرى جودة الكريات الدم الحمراء قد تكون غير سليمة وغير صالحة لنقلها للمتلقي. وبعض المواقع تدرج أمراضاً أخرى ومرضى آخرين، ومثال ذلك المصاب بأمراض الحساسية كالربو أو الحساسية من الأدوية ونحو ذلك. والجدير بالذكر أن التبرع بالدم لا يعرض المتبرع لأي خطر من الإصابة بأي مرض، فالأدوات التي تستخدم في عملية سحب الدم معقمة ولا تستخدم لشخص آخر ويتم التخلص منها بعد عملية التبرع بالدم. * هل مريض السكري يستطيع التبرع بالدم؟ * لاختصار الإجابة فإن الأمر مختلف عليه، أي أنه ليس هناك رأي متفق عليه في هذا الصدد. فالأمر يختلف من دولة إلى دولة ومن مستشفى إلى آخر ومن نظام صحي إلى آخر كما ذكرت سابقاً. وهناك أمور يجب توضيحها: أولاً: مريض السكري لا يحمل مرضاً معدياً، ومرض السكري ليس مرضاً معدياً، وبالتالي نقل دمه لغيره لا يسبب مرض السكري في الشخص المتلقي لهذا الدم. ثانياً: كثر الحديث عن جودة كريات الدم الحمراء لدى مريض السكري، وأن ارتباط السكر بالهيموجلوبين قد يؤثر عليها سلباً. وهنا يجب علينا التوقف قليلاً ونقول: ليس لهذا الأمر مرجعية يمكننا الاعتماد عليها، ففي مريض السكري نفسه نجد أن الهيموجلوبين المسكر أي الذي يرتبط بالسكر قادر على حمل الأوكسجين بفعالية عالية وخاصة لو كانت نسبة المعدل التراكمي والذي يعرف باسم الهيموجلوبين إيه ون سي في حدود السبعة في المئة. ثالثاً: مريض السكري النوع الثاني يسمح له بالتبرع بالدم في كثير من بنوك الدم، ولكن قد لا يسمح له في حالة وجود مضاعفات لدى مريض السكري نفسه. أي أن المنع بسبب الخوف على مريض السكري وليس الخوف من دم مريض السكري. ومن هذه المضاعفات مضاعفات القلب والأوعية الدموية والكلى وأيضاً ما يصاحب مرض السكري من ارتفاع في ضغط الدم وغير ذلك. رابعاً: مريض السكري النوع الأول أو مريض السكري النوع الثاني المستخدم للإنسولين. هنا تكمن المشكلة ويكمن التساؤل أيضاً. الكثير من الدول والكثير من بنوك الدم ترفض تبرع هذه الشريحة من المرضى بحجة أن الإنسولين أو مادة الإنسولين قد تنتقل من الشخص المتبرع إلى الشخص المتلقي، وأن الإنسولين مستخلص من الحيوان فقد يضر بالشخص المتلقي للدم. ولنا هنا وقفة؛ بداية الإنسولين الحديث ليس حيواني أي أنه ليس مستخلصاً من الحيوان، وإنما بتقنية التركيب البكتيري وبالتالي ليس حيوانياً. وكان الاعتقاد القديم أن أي مستخلص حيواني قد يؤثر على الشخص المستخدم له أو الشخص المتلقي له. وهذا اعتقاد خاطئ. الاعتقاد الآخر هو التبرع بقدر 500 مل من الدم لمريض السكري المستخدم للإنسولين قد يغير من مستوى الإنسولين في دم مريض السكري، وبالتالي يؤثر على سكره وهذا الأمر أيضاً الدراسات حوله مختلفة. وقد نجد بعض الدول من أوروبا وكندا وأستراليا تمنع تبرع مريض السكري المستخدم للإنسولين وليس الحبوب لهذه الاعتقادات القديمة الحريصة، بينما نجد أميركا أو بعض ولاياتها لا تمانع. تختلف موانع التبرع من نظام صحي إلى آخر عند التبرع يتم التأكد من خلو المتبرع بالدم من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الدم هناك تحفظ على تبرع مرضى السكري المستخدمين للإنسولين بالدم