الموت هو نهاية رحلتنا في الحياة الدنيا، ولابد أنه ملاقينا يوماً عاجلاً أم آجلاً، فهو يتسلل إلينا خلسة، ويختطف منا أعزاءنا دون سابق إنذار. فلا يفجع الروح ويفطر الفؤاد ويحرق النفس مثل تلقى نبأ وفاة عزيز، خاصة إن كنت تحمل له ذكريات ظل وفياً لها وصادقاً فيها. هذه كلمات طرأت في لحظة شوق واشتياق للمحب رجل البر والإحسان محمد إبراهيم السبيعي -رحمه الله-. ولن أعترض بها على حكم وقضاء ربي، فالنفس ضعيفة والموت قوي. لقد رحل عن دنيانا الفانية -رحمه الله-. وإن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. منذ وعيت على الدنيا كان ملء سمعي وبصري سيرته العطرة وحبه للخير وأياديه البيضاء وشخصيته العصامية ووقوفه مع المحتاجين وفك كربات المعسرين ودعم مشروعات الخير والبر ودور القرآن وتنظيم المسابقات العلمية، ومنها جائزة الشيخين محمد وعبدالله السبيعي للتفوق والبحث العلمي وكرسيه الجامعي، كما أنه أنشأ مؤسسته الخيرية لتكون من أكبر المؤسسات الخيرية المانحة بالمملكة العربية السعودية، ولتجسد تلك الأعمال وتكون صرحاً منظماً وراقياً في مفهومه للعمل الخيري وبعده الإنساني ورسالته الشمولية؛ ليخدم الإنسان في جميع مجالات وأوجه العمل الخيري حتى بعد وفاته -رحمه الله-. وأبناؤه البررة أكملوا المسيرة في حياته وسيكملونها من بعده بإذن الله. إن الشهادة لله أقولها بعد وفاته -رحمه الله- بأن والدي سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- أوصنا غير مرة بأن كل ما يقوله محمد السبيعي من ديون عليَّ فهو مصدق ولا يحتاج إلى بينة، إنه نوع من المحبة والصدق، قل أن يوجد نظيره في هذا العصر. لقد عرفته أخاً لوالدي، وبينهما من صادق المحبة وحسن التقدير والإجلال والود ما لا أقدر أن أصفه في هذه العجالة. فقد كان على الدوام يزوره ويسأل عنه ويطمئن عليه. وكان محل ثقة والدنا على الدوام؛ حيث كان حساب والدي الخاص في مصرفه وقت أن كان محلاً للصرافة، وكذلك حسابات الصدقة وحسابات الزكاة وحسابات المساجد وغيرها، ولم يرجع شيكاً أصدره الوالد -رحمه الله- على مصرف السبيعي بعدم وجود رصيد، فكل شيكات الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- وحتى خطاباته الورقية بالصرف معتمدة لدى الشيخ محمد السبيعي حتى لو كان الحساب ناقصاً أو خالياً. رحم الله الشيخ محمد السبيعي ورفع درجاته وتجاوز عنه وغسله بالماء والثلج والبرد وطهره من الذنوب كما يطهر الثوب الأبيض من الدنس، وجمعنا به ووالدنا في دار كرامته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وعباده المؤمنين آمين. الأمين العام لمؤسسة عبدالعزيز بن باز الخيرية