تشير الأرقام التي أعلنتها وزارة المالية أمس، إلى أن الخطط التي تنفذها الحكومة لتخفيف تأثير انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد المحلي، وإعداد المملكة للمستقبل تسير بصورة مثالية، فعملية ضبط الأوضاع المالية العامة مع تلك الأرقام، توضح الجهود المبذولة في عدم تجاوز عمليات الإنفاق أو العجز المحدود المقدرة عند إعلان ميزانية العام الماضي، إضافة إلى تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية مقابل زيادة الإيرادات غير النفطية، وهي أمور تقود المملكة لمواصلة رحلة التغيير عبر تحقيق برنامج التوازن المالي، الذي هو أحد البرامج الأساسية لتحقيق رؤية 2030، والذي يستهدف إعادة هيكلة الوضع المالي وتعزيز الإدارة المالية وإدارة الأموال الحكومية بكفاءة أكبر. فقد بلغ إجمالي المصروفات خلال الربع الثاني 210.4 مليار ريال مسجلة انخفاضاً بنسبة 1 % عن الربع المماثل، بينما بلغ العجز خلال الربع الثاني 46.5 مليار ريال مسجلاً انخفاضاً بنسبة 20 % مقارنة بالفترة المماثلة، في حين واصلت الإيرادات غير النفطية نموها وقفزت بنسبة %96 للربع الثاني، لتصل إلى 62.9 مليار ريال مقارنة مع 32.1 مليار ريال في الربع الأول، فيما بلغت الإيرادات النفطية 101 مليار ريال بنسبة نمو بلغت 28 % مقارنة بالربع المماثل، وهذه المؤشرات ستسهل بإذن الله عملية الوصول إلى ميزانية متوازنة بحلول 2020 وفقاً لتوجهات رؤية المملكة 2030. ورغم عملية ترشيد الإنفاق وضبط مصروفات الميزانية، فقد أظهرت البيانات حرص الحكومة على مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، وجعلها في أولويات الإنفاق الحكومي، حيث حظيت قطاعات التعليم، والصحة، والتنمية الاجتماعيّة، والخدمات البلديّة بنسبة %46 من مصروفات ميزانيّة النصف الأول، وهي مصروفات سيكون لها تأثير مباشر على المواطن وعلى قطاع التنمية الاقتصادية بشكل عام، ورفع جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، أحد أهداف عملية رفع كفاءة الإنفاق الحكومي. لقد أظهرت الأرقام المعلنة أمس، الجهود التي تعمل عليها الدولة للاستفادة من جميع مقومات الاقتصاد الوطني، وما يحمله من فرص، كما أعطت مؤشرات عملية على استمرار عملية تطوير وتحديث اقتصاد المملكة، والسعي إلى التعامل مع المتغيرات التي تشهدها الأسواق النفطية، وتقوية وضع المالية العامة وتعزيز استدامتها، ونقل المملكة إلى مراتب وتصنيفات أفضل وتعزيز موقعها في الاقتصاد العالمي، فاقتصادنا الوطني من أكبر الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويمثل نسبة %25 من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة.