أكّد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ د. ماهر المعيقلي أنّ الأخوة الدينية والرابطة الإيمانية تتجلى في الحج بأبهى صورها، وأجمل حللها، فالحجيج يطوفون ببيت الله، ويجتمعون على صعيد عرفة، ويبيتون بمزدلفة، فمعبودهم واحد، وأعمالهم واحدة، ولباسهم واحد، وقبلتهم واحدة، وفي حجة الوداع، لما انقضت ساعات نهار يوم عرفة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، في ذكر وخشوع، ولهج بالدعاء وخضوع، حتى إذا تناهى النهار، دعا بأسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه، ليكون ردفه على الناقة، فتنادى الناس يدعون أسامة، وظن بعض حدثاء العهد بالإسلام، أن أسامة رجل من وجهاء العرب، فما فاجأهم إلا وشاب أسود أفطس أجعد، يتوثب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، ليكون له من بين أهل الموقف كلهم، شرف الإرتداف مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الاختيار، يعلن تحطيم الفوارق بين البشر، ويدفن تحت مواطئ راحلته، نعرات الجاهلية، ليعلن بطريقة عملية، أنه لا فضل لعربي على أعجمي، ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى. وأشار الشيخ المعيقلي أن من مقاصد الحج الكبرى، إقامة ذكر الله -عز وجل-، وأعظم الناس أجراً، أكثرهم فيها لله ذكراً، قال ابن القيم رحمه الله: (إن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكراً لله عز وجل، فأفضل الصوام أكثرهم ذكراً لله عز وجل في صومهم، وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكراً لله عز وجل، وأفضل الحجاج أكثرهم ذكراً لله -عز وجل-)، وهكذا هو الحج أياما ًمعدودات، يُبدأُ فيها بذكر الله، وتختَتم بذكر الله، فلا مجال فيها لغير ذلك من الشعارات الطائفية، والتحزبات السياسية، إنما هو إخلاص وتوحيد، وإعلاء لذِكرِ العزيز الحميد، وإن من أعظم مقاصد الشريعة، اليسر والتيسير على الخلق، خاصة فيما يتعلق بعبادتهم. وشدد إمام وخطيب المسجد الحرام أن رعايةَ الحجاج والمعتمرين والزائرين، والقيامَ على أمنهم، وحمايةَ مصالحهم، ورعايةَ شؤونهم، وتيسيرَ سبل الخير لهم، خاصة في هذه الأيام المباركة، عملٌ صالح، اجتمع فيه فضل الزمان والمكان، وإذا كان الدال على الخير كفاعله، فكيف بالمعين عليه، والمسهل لأسبابه. من ناحية أخرى حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة من مرحلة أخلاق حرجة، «فتن آخر الزمان قد طغت وكثرت الشبهات والشهوات، وقد فشت وانتشرت ما كان بالأمس معروفاً صار اليوم عند البعض منكراً وما كان منكراً صار معروفاً مألوفاً تغلغل الغزو الأخلاقي في داخل البيوت عبر الأجهزة والوسائل التقنية الحديثة». وأضاف: «إن الدين الذي ننتمي إليه دين الأخلاق ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق وثلثي مساحة العالم الإسلامي إنما دخل في الإسلام بسبب الأخلاق، إن تاج حلل الأخلاق وأجمل المحاسن على الإطلاق خلق الحياء بالاتفاق». وأردف: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع خصال الأولين والآخرين وتحلى بأبهى حلل الأخلاق حتى قال الله فيه : وإنك لعلى خلق عظيم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها وإذا رأى شيئاً يكرهه عرف في وجهه المفعم بالحياء.