عندما يعبر أحدنا عن وطنه فإن كل العبارات تقف حائرة أمام ذلك الإحساس، تقف حائرة كيف تجسد الشعور بالفعل كما يحس به صاحبه، فصورة الوطن ومكانته أياً كانت ظروفه وحالته الطبيعية وحره وبرده وجفافه وصحاريه، ذلك لأنها تظهر في إحساس المواطن كالورود والزهور كما قال الشاعر محمد الأحمد السديري رحمه الله: عندي وعرها مع سهلها والاطعاس غابات ورد في زهور نضيدة عندما تقول أحب وطني وأعشق أرضي فالكل يؤيدك، وعندما تنتمي لبلادك ويكون خوفك عليها فالجميع يحترمك، ومن يفرط في بلاده فلن يكون له احترام في غيرها وله نفع لغيره. ولقد عرف أجدانا بالوطنية التي تتمثل في أفعالهم وعواطفهم وحبهم لأرضهم وبلادهم وديارهم ولو لم يضعوا لمشاعرهم وانتمائهم ولوطنيتهم تلك عنواناً يسمونه الوطنية، هذا المسمى الذي غاب مسماه بالأمس مع حضوره بقوة. من يتذمر من بلده يراجع وطنيته إنهم في زمن مضى يعرفون حب الديار ويقدرون قيمة أوطانهم فيحمونها ويدافعون عنها، ويعرفون أنفسهم أيضاً بديارهم فيقولون فلان راعي البلد الفلانية، وفلان صاحب البلد هذا أو ذاك، فكان ارتباط الشخص بالمكان معروف ولا ينسى مكاناً نشأ فيه وعاش مع أهله بين جنباته حتى المؤرخين يكتبون تعريفاً لبعض الشخصيات التي ترد في كتاباتهم بقولهم: صاحب البلد الفلاني. يقول الشاعر سالم سيف الخالدي: حب الوطن ما هو مجرد حكاية أو كلمة تنقال في أعذب أسلوب حب الوطن اخلاص مبدأ وغاية تبصر به عيون وتنبض به قلوب حب الوطن إحساس يملأ حشايه وأنا بدونه في الأمم غير محسوب لك ياوطنا في سما المجد رايه واسمك عليها بأحرف العز مكتوب اشمخ وحنا لك أمان وحمايه ولَك عهد منا نوفي بكل مطلوب ولا يلام من جعل لوطنه من روحه وجسده درع حماية ووقاية، ومن قلمه سيفاً وسنان رمح يدافع به عنه، واختار العبارات الجميلة في وصف وطنه وقدر نعمة الله عليه في بلده وأدرك جلياً أن لا بديل عن الوطن. لكن يلام من تذمر من بلاده لمجرد ارتفاع حرارة جوها وهو يأكل من خيراتها ويصرف من أموال كسبها منها ثم عبر بها الحدود ليمجد دياراً ليست له ولا يسمح له بالإقامة فيها إلا ما دام يملك من مال وطنه ما يكفيه ليغني بها تلك البلدان البعيدة. ما أقبح أن يتنصل الإنسان من وطنيته ويكون كل قوله وفعله تأففاً وتذمراً من بلده الذي يتمنى كل وافد أن يسمح له بالإقامة فيها، ويعمل جاهداً من أجل الحصول على فيزة دخول إليها والتنعم بأمنها وسكونها وخيرها. عاشت بلادنا قبلة الإسلام ومعقله ودار أمن خضراء في قلوبنا لطيفة على مشاعرنا رقيقة في أحاسيسنا تنظم قصائد الحب والولاء فيها. وأخيراً يقول الأمير بدر بن عبدالمحسن: ارفع الراس يا الحر القطام واكثر الحمد,, للي صانها انت فالمجد لك راس السنام وعزة الناس من أوطانها انت الاول الى سل الحسام وقالوا الخيل من فرسانها الفخر لك ولا تسمع كلام لا يهمك حكي عدوانها ديرتك من عشقها ما يلام ويغصب الله على من خانها يد بيد ضد الحاقدين والحاسدين ناصر الحميضي