لكأني بأفضل لاعب سعودي في كرة اليد وأحد أفضل المواهب في قارة آسيا مجتبى السالم ذي العشرين عاماً يغني: حبر وورق.. صارت حياتي كلها حبر وورق أتصور ذلك بعدما قرأت تغريدته الصادمة عبر "تويتر" التي يعلن فيها رغبته في الاعتزال الدولي؛ سعياً للبحث عن مستقبله الوظيفي الذي قد يضيع في دهاليز اللعبة المظلمة. يقول مجتبى في تغريدته التي أرسلها مع صورة معبرة له بقميص الوطن وفيها يطلق صرخة بدت معها أوداجه منتفخة فرحاً بأحد أهدافه: "نظراً لظروفه العملية ومستقبلي قد أعلنت للاتحاد السعودي لكرة اليد رغبتي في الاعتزال الدولي، وأسأل الله لي ولكم دوام التوفيق". القرار ليس صادماً وحسب بل مؤلم. ليس فقط لأننا سنخسر بقرار الاعتزال لاعباً موهوباً، قدم في أعوام قليلة مستويات وإنجازات مع ناديه والمنتخب الوطني صافح بها المجد قارياً وعالمياً، ووضع اسمه بين صفوة نجوم كرة اليد في القارة الصفراء، وإنما لأننا صدمنا بنتائج برنامج رياضيي النخبة الذي احتفينا به، بل وغنينا من أجله. طلبت من مجتبى في اتصال -وأنا الذي أتحدث معه لأول مرة- أن يكشف لي عن أسباب قراره الصادم، فأوضح لي والألم يخترق سماعة الهاتف بأن مستقبله الوظيفي والأسري على المحك، فهو للتو قد حصل على وظيفة في إحدى الشركات بعد حصوله على دبلوم من أحد معاهد ما بعد الثانوية، وصار يخشى أن يصطدم مستقبله الوظيفي مع ارتباطه الدائم مع المنتخب الوطني، وهو ما دفعه للقرار بعدما أخبر مسؤولي اتحاد اللعبة عن حاجته لوظيفة حكومية تسهل عليه التنسيق ما بين اللعب والعمل. سألت مجتبى عن برنامج النخبة الذي تم تدشينه قبل نحو أربعة أشهر، فكشف بأنه منذ توقيع العقد لم يتسلم راتباً واحداً، سوى مكافأة تحفيزية واحدة قبل إحدى البطولات، وهنا تكمن الصدمة، فبرنامج رياضيي النخبة بكل ما فيه من امتيازات أخذنا إلى معانقة سحب الآمال انتظاراً لأمطار المجد الموعود، ونخشى اليوم أن كل ما عشناه في ذلك اليوم التاريخي ليس سوى أضغاث أحلام. القضية ليست قضية مجتبى وحده، بل قضية نخبة من اللاعبين، وأبناء جيل عاشواً حلماً وردياً نسوا معه مرارة القدر الذي ساقهم للانتماء لرياضات يتم التعامل معها كشحم زائد، ويبقى بصيص الأمل يومض فقط لأن نائب رئيس هيئة الرياضة واللجنة الأولمبية الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل هو ابن شرعي لهذه الرياضات باعتباره بطلاً لسباق السيارات، ولكونه شاباً فمن الطبيعي أن يتحسس معاناة مجتبى ورفاقه.