كتبت مطولاً في الأعوام 2009 و2010 حول بطالة النساء لاسيما بين حملة الشهادات العليا من خلال إحصاءات الهيئة العامة للإحصاءات فيما لا يُشار إلى هذه البطالة بشكل مباشر (انظروا الرياض: "حقيقة أرقام البطالة النسائية" في 14 يونيو 2009). واليوم نعود إلى نفس الموضوع، ليس لأنه تم حله وأن كل حملة شهاداتنا العليا من النساء والرجال قد حصلن وحصلوا على الموقع الوظيفي المناسب، وإنما لأننا نخوض حملة واسعة من ترحيل العمالة الوافدة غير النظامية من البلاد ونعزز قرارات السعودة في كل مكان ونشجع النساء على العمل في كل فرصة سانحة، ونزيد في العقوبات على القطاع الخاص الذي يتهاون في ذلك وغيرها من التغييرات ناهيك عن تطبيقات رؤية 2030 وخطط التحول الوطني. وعلى الرغم من ذلك تصدمنا إحصاءات العمل الجديدة للربع الأول من العام 2017 والتي صدرت عن الهيئة العامة للإحصاء والتي تشير إلى أن قوتنا الاقتصادية الوطنية ضئيلة جداً، حيث إن كل العاملين من ذكور وإناث لا يتجاوزون الثلاثة ملايين من بين عشرين مليون نسمة من المواطنين (3,061,397 مليوناً). بينما يبلغ عدد المشتغلين من غير السعوديين قرابة الأحد عشر مليوناً (10,883,335). وهو عدد مفزع وفرق في التعداد يجعلنا أمام تحديات غير عادية لدلالاتها على حجم السلبية واللا إنتاجية التي يعاني منها مجتمعنا. وعندما نضع المجهر على الجزء السعودي من المعادلة ونبحث في تفاصيله وأين يذهب السبعة عشر مليوناً من المواطنين، نرى أن ما ترصده الهيئة العامة للإحصاء عدد متواضع من المواطنين لا يتعدى المليون (219,017 ألفاً من الذكور، و687,535 ألفاً من الإناث) الذين اعتبرتهم عاطلين عن العمل لأنهم لم يبحثوا عن عمل خلال الأسبوع الذي يسبق عملية الإحصاء، وهو معيار لعمري به خلل. وجزء آخر غير محدد يذهب إلى القطاعات الأمنية والعسكرية التي لا تظهر في الإحصاءات. ولمزيد من التحديد لهؤلاء التسعمائة ألف باحث عن عمل، فنجد أن حاملي البكالوريوس من الذكور يبلغون قرابة السبعين ألفاً (69,533)، والإناث ثلاثمائة وست وثمانين ألفاً (386,796)، وحاملي درجة الماجستير من الذكور ألف وثمانمائة رجل (1,771) ومن الإناث أربعة آلاف (4,073)، أما حاملو وحاملات درجة الدكتوراه العاطلون عن العمل فيبلغون 78 دكتوراً و99 دكتورة. فإلى متى؟ وقد حملت قوائم الإحصاء اليوم تقدماً من ناحية إثبات الجنس على قوائم الإحصاءات وفّر وقت القيام بعمليات طرح وجمع مرهقة. ومن ميزاته أيضاً أنه ضم إحصاء العمالة المنزلية ربما لأول مرة، لست متأكدة، ولكنها تكشف عن عدد السائقين الذين يصلون إلى مليون وربع المليون (1,376,096) والذي يعد من الفائض السكاني غير الضروري والذي أًنهكنا ونحن نتحدث عما يُحدثه ذلك من خلل سكاني واقتصادي وأمني واجتماعي آن أوان الانتهاء منه.