إذاً وبالشواهد العديدة التي مكّنت المملكة أن يدوِّنَ تاريخُ مكافحة الإرهاب في أنصع سجلاته اسمَها وفي مقدمة دول العالم، وتجاوزتْ جهودُها وإنجازاتُها الصعيد المحلي إلى العالمي عموماً ومع واشنطن خصوصاً ليس بدءًا من تخصيص الميزانيات الضخمة لمكافحة الإرهاب الذي يشكل تهديدًا لسلم العالم أجمع وأمنه واستقراره ولا انتهاءًا من إعلان المبادرات الجديدة والمراكز العديدة لتعزيز جهود وسبل مكافحته وتوظيف كل الأساليب العلمية والبحثية والتقنية العالية أو سن القوانين للقضاء عليه. وقد نشرتْ في هذا السياق صحيفة المونيتور الأميركية تقريراً أكدتْ فيه بأن السعودية تشكل جزءًا حاسماً في الحرب الدولية لمناهضة المتطرفين الإسلاميين وشريكاً لا غنى عنه للولايات المتحدة الذي يجب دعمه. وتؤكد المونيتور أن الحليف الأميركي في مكافحة الإرهاب مستهدف من التنظيمات الإرهابية رغم نجاح السعودية في تحجيم الخطر الإرهابي في السنوات الاخيرة. ويشير التقرير إلى أن الولاياتالمتحدة الأميركية مطالبة بدعم شريكها في محاربة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة بما أنها كانت مستفيدة من سياسات مكافحة الإرهاب السعودية لسنوات حيث لم تكتفِ وزارة الداخلية السعودية بحماية الدبلوماسيين والمغتربين الأميركيين في المملكة، بل قدمت معلومات استخبارية لإحباط هجمات داخل الولاياتالمتحدة وأوروبا. وتدعو الصحيفة الأميركية في ذات السياق إلى التعاون الفعال مع المسؤولين السعوديين مشيرة إلى أن النائب مايكل بومبيو هو الخيار المنطقي ليكون مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية ويعوض جون برينان الذي كان همزة الوصل مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف للتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب بين الرياضوواشنطن. فيما قد وجه الخبير الأميركي بمجال الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب "بروس ريدل"، نصيحة إلى الإدارة الأميركية الجديدة بضرورة الاهتمام بالعمل مع المملكة في مجال مكافحة الإرهاب وأوضح الكاتب تحت عنوان "كيف يمكن لواشنطنوالرياض العمل معًا لمكافحة الإرهاب؟": أن "الخطر الذي أصبحت الجماعات الإرهابية تشكله اليوم على العالم، سواء تنظيم داعش أو القاعدة، جعل "مكافحة الإرهاب" مسألة اهتمام مشترك بين واشنطنوالرياض. وقد لا تكون فترة ولاية السيد الرئيس الراحل أوباما من أكثر العهود التي شابت العلاقات السعودية الأميركية على مرّ تاريخ العلاقة بين البلدين فحسب بل وأسوء ثمانية أعوام قد مرّت على الولاياتالمتحدة ووصمة عار على الجبين الدولي حينما تنازل شرطي العالم الأول عن دوره المعتاد وسماحه لنظام إرهابي ممثلاً بإيران والتنظيمات الإرهابية التي ترعاها وتمولها وأنظمة حليفة لها (تنظيم الحمدين) ممثلاً بسلطات الدوحة وأخرى وإيجاد وتمكين تنظيم كداعش بالتمدد والانتشار وحتى بلغ السيل الزبى فصار هذا التنظيم الإرهابي ورقة تفاوضها دول وحكومات! وإن كان من ثمة درس سياسي عظيم تعلّمته واشنطن في ضوء الست مبادرات التي أسفرت عنها قمة الرياض الخليجية الأميركية بقيادة الرياض أن السياسة السعودية ليست فن الممكن كما هو دارج؛ وإنما فن إيجاد أكثر من ممكن ومن ثم الاختيار فيما بينها فالمشكلة ليست في التحالفات؛ وإنما في مصالح هذه التحالفات، واشنطن أو إدارة السيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرك من جديد أن تحالف السعودية الضارب جذوره في التاريخ والممثل بثقلها ومركزيتها في الخليج والأمة العربية والإسلامية مع حليفها التاريخي العتيق واشنطن لم يكن لمصلحة المنطقة فحسب بل ومصالح أميركا أيضاً!