منذ الازل والى الابد تعتبر السيطرة وكسب المال ونشر النفوذ والتحكم احد اهم مميزات الصراع البشري ممثلة في الوقت الحاضر بما تتبعه الشركات والمؤسسات بل الدول لزرع عدم الاستقرار الذي يحتدم في خضم المنافسة المحتدمة هذه الايام والتي تسود العالم من اجل فرض النفوذ والسيادة والتحكم بالمواقع الاستراتيجية وبمناطق الوفرة بتحريض وتخطيط من جهابذة التآمر الذين يتعمدون رسم منظور مستقبلي متشائم يدفع اصحاب القرار في الدول الفاعلة الى الاخذ بآرائهم خصوصا اذا كان ذلك المنظور مدعوما بموروث تاريخي من ناحية ومبرر المحافظة على مكاسبهم من ناحية اخرى. واذا نظرنا الى المنطقة العربية نجد انها تحظى بميزات يسيل لها اللعاب وفي مقدمة ذلك الثروات الطبيعية مثل البترول والغاز ناهيك عن الموقع الجغرافي الذي يعتبر سرة العالم ليس هذا وحسب بل ان تلك المنطقة تضم بين جنباتها اهم المضايق البحرية العالمية وفي مقدمتها مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس ومضيق جبل طارق بالاضافة الى قربها من مضايق البسفور والدردنيل التي تربط البحرين الاسود بالمتوسط ناهيك عن وحدة اللغة ووحدة التاريخ ووحدة الدين ووحدة المصير المشترك والامتداد الجغرافي المتواصل من الحدود الشرقية للعراق والخليج العربي الى سواحل المغرب وموريتانيا على المحيط الاطلسي غربا. وقبل ذلك وبعده وجود المقدسات الدينية في كل من مكة والمدينة والقدس وعليه ظلت تلك المنطقة هدفا للمستعمرين على مر العصور حتى لا تنهض تلك المنطقة وتتوحد وتتقدم مهما كلف الامر ولعل مقررات مؤتمر كامبل في لندن عام (1907) الذي تمخضت عنه توصيات من اهمها خلق دولة اسرائيل لفصل الامتداد العربي في اسيا عن الامتداد العربي في افريقيا وتقاسم تركة الدولة العثمانية طبقا لاتفاقية سايكس – بيكو (1916) التي تم بموجبها تقسيم العالم العربي الى مجموعة من الدول. واليوم بعد مئة سنة على تنفيذ تلك التوصيات يعيد التاريخ نفسه فالمنطقة تجتاحها فوضى مدمرة لم يسبق لها مثيل يعمل على تفاقمها ويشعل فتيلها نفس القوى مستغلين قلة الوعي وقصر النظر والثقة بالخصم والحكم . وعدم ثقة المتضررين ببعضهم البعض وانشغالهم بتصنيف واقصاء بعضهم البعض وانقسامهم على بعضهم البعض بينما العدو الداخلي والخارجي يؤجج الصراع بينهم من اجل تقسيم المقسم طبقا لما رسمه ويرسمه هذه الايام برنارد لويس مهندس تقسيم الشرق الاوسط ومؤسس مخطط تفكيك الدول العربية .هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تعتبر معاهدة (1924) التي وقعت بين الحلفاء وتركيا بعد نهاية الحرب العالمية الاولى لمدة مئة سنة قد اقتربت نهايتها (2023) وهذا يتطلب منهم اعادة فرضها مرة اخرى لمنع تركيا من التخلص من تبعاتها ومن اجل ذلك يتم العمل على ترويضها واعادتها الى المربع رقم واحد ولعل ما يحدث في كل من سورية والعراق من ارهاصات له هدفان الاول : اعادة تقسيم المقسم والثاني فتح جبهة على تركيا وتوريطها وربما تقسيمها بعد ان تُدخل في دائرة الفوضى المدمرة. ومما يشجع على هذه الفوضى ان المستهدفين ما زالوا في غفلة بينما الارهاب يتم استغلاله لتحقيق تلك الاهداف من خلال خلط الاوراق حتى ظن بعض من ينتسب للاسلام ممن قل عقله وقصر نظره واعجب بما لدى غيره ان الاسلام هو مصدر الارهاب بينما الارهاب صناعة استعمارية تنفذها جهود تكاملية من قبل كل من ايران واسرائيل واعوانهما الذين يشعلون الفتنة من خلال اللعب على اوتار الطائفية والحزبية والمناطقية والقبلية والجهل وضيق الافق وعدم الثقة بالنفس ناهيك عن التنافس السلبي مما خلق لهم كوادر تؤجج الصراع وقد ساعدهم على ذلك في الماضي غياب الحزم والعزم. اما الآن فإن الحزم والعزم بقيادة المملكة قد بدأ يؤتى أُكله ان شاء الله وإن غدا لناظره لقريب. والله المستعان