تجاوزت السينما اليوم مجرد الترف والترفيه لتكون أداة معرفية تشكل التوجهات والتطلعات، وتعرض السير الذاتية لأبرز الشخصيات العالمية، والملاحم التاريخية، والرؤى المستقبلية، والتوعية بالكثير مما يخفى علينا من أمراض وعلوم. يناقش فيلم «انقسام-split» من خلال صورة مثيرة وخيالية الى حدٍ ما، حادثة اختطاف لثلاثة شابات من قبل شخص مصاب بمرض نفسي نادر يسمى «اضطراب الشخصيات المتعددة»، وتدور مشاهد الفيلم خلال هذه القضية فقط بين البطل «جيمس ماكفوي» والفتيات المختطفات والطبيبة المشرفة على حالة البطل «بيتي باركلي». استطاع «ماكفوي» الذي يعيش بثلاثة وعشرين شخصية مختلفة في الفيلم، أن يقدم الدور ببراعة فائقة اختلفت عن جميع أدواره السابقة، وأخرجته من الشخصية الفنتازية «إكس مان» بشكل ملحوظ. كما أدت النجمة المتعددة «باركلي» دوراً إثرائياً مميزاً من خلال دورها كباحثة وطبيبة مع مرضى اضطراب الشخصية المتعددة، للتعريف بطبيعة المريض وكيفية التعامل مع ضحاياه، وتوضيح أسبابه التي تكون غالباً مجموعة صدمات نفسية وعنف تعرض له الإنسان في مرحلة الطفولة، ورغم أن الفيلم يلقي الضوء على حياة إحدى المختطفات والتي تعرضت للإساءة الجسدية منذ صغرها، إلا أنها لم تصب بنفس المرض، في إشارة إلى ندرة الحالات المصابة به في العالم. مخرج ومؤلف الفيلم «نايت شايملان» عاد إلى الضوء بعد سنوات عديدة من خلال الفيلم بمعالجته لهذا المرض، بالرغم من بعض التشابه الملاحظ بين شخصيات البطل «كيفن» وما ذكره المريض النفسي «كاميرون ويست» في كتابه «حياتي كمتعدد شخصيات» في سيرة ذاتية لنفسه، وقد يرى البعض خروج الشخصية الرابعة والعشرين في الفيلم بشكل خيالي جانحة وخرجت بالقصة عن الهدف الكبير للفيلم، ولكنها كانت عاملاً مثيراً لا بأس به، إضافة لكون النهاية مفتوحة، وظهور النجم «بروس ويلس» في الخاتمة، والذي قد يشير من خلالها المخرج إلى عمل آخر متصل. هناك مبالغة في وضع الفيلم ضمن تصنيف الأفلام المرعبة، فهو درامي، ومثير، وخيالي أكثر. الإخراج والتصوير كانا رائعين رغم تشابه الواضح بين ملصق الفيلم مع ملصق فيلم «غير قابل للكسر» لنفس المخرج.