لا يغيب ذلك المشهد لتلك المرأة تتقدم بشموخ بحجابها السعودي في صالون قصر الحكم، تشق طريقها مع وفد من النساء من عضوات مجلس الشورى بين وفود الذكور في بياض الزي السعودي الرسمي من القادمين لتقديم التعزية في وفاة الملك عبدالله والبيعة للملك سلمان بالملك. امرأة تلفت الأنظار بتقبيلها ليد الملك سلمان وخد الأمير مقرن، إنها الأميرة موضي ابنة الملك خالد رحمه الله تتقدم بإنجازاتها صنواً للرجال. امرأة لها تاريخها الإنساني الحافل وقد تكرست منذ عقود للبرامج الاجتماعية الهادفة لتطوير المجتمع السعودي، وليس أدل على ذلك تأسيسها لزمالتين ضمن برنامج معهد ماساتشوستس بالولايات المتحدة يُخْصَّص للطلبة السعوديين الذين يقدمون مبادرات لتطوير المجتمع السعودي. معرفتي بهذه المرأة الرمز كانت من خلال إنجازاتها حتى تم تعاون بنات الملك خالد رحمه الله مع مؤسسة المنصورية للثقافة والإبداع بمبادرة من الأميرة جواهر بنت ماجد وذلك لإخراج الكتاب الفني الذي يؤرخ لدور الملك خالد في توسعة الحرم المكي الشريف وقيامه بتجديد باب الكعبة، الكتاب حمل عنوان "الباب" وهو أشبه برحلة روحية للملك الراحل يتقرب فيها على باب الحق جل وعلا وبيته الحرام. حينها استعانت بي مؤسسة المنصورية لوضع نص روحي يواكب تلك الرحلة. موضي الخالد هي رحلة امتداد لذلك الورع في الإنسان وبالإنسان منذ تقلدها لمنصب الأمينة العامة لمجلس إدارة جمعية النهضة والجمعية السعودية للعمل التطوعي "تكاتف"، وجمعية خالد الخيرية، وتوسعها من خلال تلك المنابر في العمل الخيري والمشاريع التطويرية الاجتماعية وتنمية الدوافع الخيرية وتشجيع المتطوعين في تلك المشاريع انطلاقاً من إيمانها بأهمية الإبداع في قضايا التنمية الاجتماعية المستدامة. أما بالنسبة لمساهمتها السياسية فلقد تبنت التحضير لدورات تأهيلية في جمعية النهضة، لتوعية النساء وتثقيفهن بالعمل البرلماني، وخلافاً لما يظن من شكلية عضوية المرأة بمجلس الشورى فإن موضي بنت خالد تنهض بدور متشعب فاعل من خلال لجان المجلس الاقتصادية والقضائية والرقابية والاجتماعية. والملفت للنظر حسمها في قضايا مثل قضية سياقة المرأة للسيارة، والذي تعتبره موضوعاً هامشياً يصرف عن القضايا الهامة في الداخل والخارج، تقول بجرأة، "ولو كان بيدي اتخاذ القرار بذلك، لكنت سمحت به مباشرة وأنهيت جدلاً عقيماً". ولا تتردد فيما يتعلق بحقوق المرأة التي حسب اعتقادها "هي حقوق قد ضمنها الإسلام، ولو التزمنا بالنصوص القرآنية عوضاً عن العادات والأعراف لما تعطلت تلك الحقوق". موضي هي أداة فاعلة تعمل بصمت وتحجم عن استغلال إمارتها في تمرير قرارات إذ تعمل من خلال المجلس. ويوضح تطلعاتها تصريحها الأخير لوكالة الأنباء السعودية الذي تقول فيه: "تمتلك مؤسسة الملك خالد رصيداً مميزاً على صعيد التأثير الإيجابي في البيئة التشريعية في المملكة، وتركيزنا سينصب في المرحلة المقبلة على قضايا الحماية الاجتماعية. حيث تشهد المملكة اليوم نقلة نوعية اجتماعية واقتصادية، ويهم مؤسسة الملك خالد أن تواكب هذه المسيرة، من خلال ابتكار برامج اجتماعية جديدة تنهض بالقطاع غير الربحي". وتؤكد أهمية استقطاب الأفكار والمبادرات الشابة والتي هي كفيلة بإخراج رؤية المملكة للوجود. جوانب موضي الناشطة الإنسانية تشي بخصوصية ترعرعها في كنف الأب المشهور بالملك الورع، التنوع في خلفيتها التعليمية حيث تثقفت منزلياً على مناهج تعليمية متنوعة، هذا بالإضافة لمرافقة والدها في رحلاته وبالذات رحلات القنص، ولا نملك إلا التوقف بمجموعتها من المجلات الكرتونية "سندباد" و"سمير"، والتي لاتزال تحتفظ بها وتشي بالجانب العفوي في هذه الشخصية المؤثرة. نساء من الوطن جديرات بالوقوف تحية.