أكثر ما يقوّض عزائمنا، ويقوّس طموحاتنا هو تمركزنا في الماضي، وبقاؤنا تحت ركام التجارب، خاصة إذا لم نحقق منها ما رسمناه وتطلعنا إليه. يقول أحد المفكرين: "إن بإمكان الإنسان أن يبدأ حياةً جديدةً في أي مرحلة من مراحل عمره إذا كان لديه الاستعداد لذلك". والاستعداد يكون من داخلنا نحن وهو شعور قابل للتجديد دوما إذا وافق نفسا طموحة. وهذه حقيقة فعلا لمسها وعايشها كل المبدعين الذين لم تلمعْ نجومهم إلا في مراحل متأخرة من العمر، هذا لأنهم لم يستسلموا للفشل، ولم يرفعوا قبعاتهم للهزيمة، بل تحدوها ندا بند حتى هزموها، ليس هذا فحسب بل حولوها إلى انتصارات باهرة! ونحن لماذا لا نفعل مافعلوا؟ وما الذي ينقصنا؟ أغلبنا وبكل أسف يضع في حساباته النجاح السريع والظهور القياسي، فما إن يحدثْ عكس ما توقع حتى يصاب بالإحباط وخيبة الأمل، وما علم أن استعداده للنجاح كان استعدادا (فقّاعيا) لا جوف له!! إن النجاح ياصديقي ليس بأريكة (مساج)، ولا نزهة بين أحضان الطبيعة، بل إنه كدٌّ ومغالبة. تخيل معي لو أن أديسون "مخترع المصباح الكهربائي" استسلم للفشل -وقد فشل كثيرا جدا قبل أن ينجح- لو استسلم ولم يستمر؟ لبقي العالم يلتحف العتمة والتخلف، كيف هي الحياة بلا إنارة؟! قد يقول قائل: لو استسلم هو لجاء غيره وأكمل، فسأرد عليه وأقول: لقد جئت ببيت القصيد وهو أنّ العالم لن ينتظرك وأنك باستسلامك لن تضرّ إلا نفسك، تماما كمن يقف متسمرا وكل من حوله يركضون في مضمار للجري!! نعم يا صديقي فالفقر والبطالة والعجز والفشل أشباح تهدد حياتك وأمنك الجسديّ والفكريّ، فكيف تتسمّر ولا تركض مثلهم هربا منها؟! من صمّم على النجاح لن يفكر في الصعوبات ولن يحسب لمرات الفشل، بل سيتعلم كل مرة شيئا جديدا يقوده إلى النجاح، وعندها لن (تشبع) من النجاحات. عش من جديد ولا تقل فات الأوان، تعلم فالعلم نورٌ، وحاول ففي المحاولات استكشاف، واصبر وثابر فمع الصبر والمثابرة بلوغ الغاية.. وتذكر قول الشاعر: وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا وتذكر قول الآخر: لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا