حاولت قطر استخدام القوة الناعمة بشتى أنواعها للترويج إلى سياسات وتوجهات معينة، كانت البداية من خلال تأسيس قناة إخبارية قامت على بعض الإعلاميين العرب الذين يمقتون جميع دول الخليج بلا استثناء سواء حكومات أو شعوبا، هؤلاء الإعلاميون هم نتاج إذاعة «بي بي سي» التي تختلف نسختها العربية عن نسختها الإنجليزية تماما، والسبب بكل بساطة هو إدارتها العربية التي تقودها بما يتوافق مع ايديولوجيا العاملين فيها. وكانت الخطوة الثانية من عمليات بناء القوة الناعمة متمثلة في عقد صفقات كرة القدم مع بعض اللاعبين الدوليين المعتزلين او من هم على وشك الاعتزال بمبالغ خيالية ابتداء من الأرجنتيني باتيستوتا وانتهاء بالأسبانيين راؤول وتشافي، كان الهدف فقط هو جذب الأنظار لهذه الدولة عن طريق كرة القدم وهي المتعة الشعبية الأولى عالميا، ولو كان الهدف رفع مستوى اللعبة لتم إنشاء أكاديميات عالمية للصغار بما يعادل 1٪ مما صرف على هذة الصفقات الخيالية وغير المجدية. وتكريسا للسياسة نفسها، كانت الخطوة الثالثة في إطلاق قنوات رياضية متخصصة لنقل أقوى الدوريات في العالم وبمبالغ خيالية، بل تم الاستحواذ على القنوات المنافسة التي يملكها رجل أعمال سعودي لإلغاء المنافسة ولكي تكون قنواتهم المنصة الوحيدة التي من خلالها تتجه أنظار ملايين المشاهدين لمتابعة مباريات كرة القدم. أما الحدث الأهم فكان التقدم باستضافة مونديال 2022، وعلى الرغم من تحفظ عدد من لجان فيفا على الترشح بسبب صغر مساحة الدولة وصعوبة تنظيم حركة المرور أثناء إقامة أربع مباريات في آن واحد، إلا أن الهدف تحقق بعد التورط في عمليات مشبوهة راح ضحيتها عدد من مسؤولي «الفيفا» والقطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي السابق، وهذه الأساليب أكدت السياسة القطرية بأن الغاية تبرر الوسيلة، حتى وإن كانت وسيلة فاسدة. مع ظهور أدلة تورط قطر في تمويل جماعات إرهابية، يبدو أن القوة الناعمة بدأت تتفكك، فالقنوات فقدت الكثير من مصداقيتها، ودوري كرة القدم أصبح مهجورا مع تأخر صرف الرواتب لمدد تصل إلى ثمانية أشهر، والاتحاد الدولي أصبح يفكر جديا في سحب نهائيات كأس العالم، أي أن كل ما تم إنجازه طوال عشرات الأعوام بدأ ينهار خلال أيام، عندما التفت إليهم الكبار، وما بني لأهداف باطلة ها هو يتحول إلى سراب في أيام معدودات!