العمليات الأمنية في بلدة العوامية لا تزال تُدار بسياسة ضبط النفس، وحماية المدنيين الأبرياء، وتكثيف الرصد والمتابعة والتحري على أعلى مستوى للعناصر الإرهابية، ومحاصرة أوكارهم، وتحديداً في حي المسوّرة، حيث يمثّل الحصار الأمني لبعض المواقع هناك تمهيداً لعملية تطهير قادمة للحي، وبدء تنفيذ مشروع التطوير المعلن لخدمة الأهالي. الحصار الأمني يفرز محاولات خروج لبعض العناصر في مهمة انتحارية للخلاص من عزلتهم بمواجهة قوات الأمن، وهو ما حصل في حادثة الإرهابيين اللذين قضيا أمرهما بإعطاب سيارتهم، واحتراقهما؛ نتيجة الأسلحة المتنوعة التي كانت بداخلها، حيث كان تصدي رجال الأمن سببا بعد الله في إجهاض عملية إرهابية قبل وقوعها، وهو ما يحسب للأجهزة الأمنية التي تدير المعركة بكثير من الصبر واليقظة، رغم أن الإرهاب في العوامية تجاوز حدوده، خاصة بعد اختطاف الشيخ محمد الجيراني من أمام منزله في تاروت، واختطاف رجل أمن بالقرب من سيهات واستشهاده فيما بعد، فضلاً عن عمليات قتل أخرى، وإطلاق نار، وترويع آمنين، ومواجهة رجال أمن بالسلاح، وتعطيل تنفيذ مشروعات تنموية. الإرهاب في العوامية محدود بعناصره، ومكشوف في مواقعه، ومرصود في تحركاته، ومع ذلك لم يستسلم أحد لرجال الأمن، أو يبادر بتسليم نفسه، والسبب أن الإرهابي الأجير هناك يؤمن بفكرة مذهبية متأصلة في التبعية للولي الفقيه، والخروج على الوطن لتنفيذ أجندات إيرانية أقلها تشتيت المجهود الأمني، وإثارة الفوضى، وترويع الآمنين، وأخطرها إثارة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، وتحويل المواجهة مع رجال الأمن إلى مسرح للإعلام الفارسي المضاد لتسييس القضية، وتضخيمها لتحقيق أهداف أكبر بكثير من عبث هؤلاء المجرمين، واستغلالهم كأدوات لزعزعة الأمن والاستقرار، وهو الحلم الذي لن يكون مهما كان الثمن. من هنا ندرك أن رجال الأمن لا يخوضون عمليات أمنية على الأرض هم قادرون على كسبها في أي وقت، ولكنهم أيضاً يأخذون أبعاداً فكرية ووطنية مهمة في تلك العمليات، أهمها الحفاظ على مكتسبات الوحدة الوطنية من أي مظاهر اختراق طائفي، وتعزيز قيم الهوية المشتركة في التعايش والسلم بغض النظر عن المذهب، إلى جانب الحفاظ على صورة رجل الأمن على أنه يحمي الجميع، وفوق الجميع بتطبيق النظام والعدالة. المرجعيات الدينية والنخب الفكرية في العوامية هم شركاء في مهمة التطهير مع رجال الأمن، ويعوّل عليهم فيما سيقدمون من جهد في سبيل الخلاص من تلك العناصر الإرهابية، وكشف مخططاتهم، والبراءة من فعلهم؛ فالضرر لا يستثني أحداً، والانتماء للوطن ولا سواه.