أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، أن قضية الإعاقة في المملكة تشهد نقلة نوعية واسعة، مبيّناً أنّ المركز أسهم بدور محوري في تلك النقلة من خلال تبنيه -لأول مرة في المملكة- استراتيجية إعلامية تهدف إلى بناء رأي عام واع بقضية الإعاقة وطرق تجنبها، وكيفية التعامل مع المعوق. وأوضح سموه في حوار مع "الرياض" أن المركز استثمر في كافة الوسائل الممكنة لتنفيذ استراتيجيته، والوصول إلى الفئات المستهدفة عبر آليات مبتكرة وبرامج تدريبية وأنشطة توعوية وتعريفية متميزة لقيت استجابة ملموسة وقام بطرح قضية الإعاقة من منظور اقتصادي اجتماعي إنساني على صعيد الوطن لاستنهاض همم كافة القطاعات في التعاطي. وأشار سموه إلى أن التطور الهائل الذي انتظم قطاع رعاية ذوي الاحياجات الخاصة عموماً يقوم على قاعدة متينة أساسها توفير منظومة من خدمات الرعاية والعلاج والتأهيل، وإقرار النظام الوطني لحقوق المعوقين وواجباتهم، وفيما يلي نص الحوار: تطور هائل في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة قاعدته منظومة خدمية متكاملة دعامة للاستمرار * الوقف الخيري للمركز أول المشروعات الوقفية الخيرية؛ كمصدر للتمويل، ماهي استراتيجيتكم في هذا الجانب؟ * في حقيقة الأمر، فقد تنبه المركز، منذ وقت مبكر، إلى أهمية الوقف، وأثره في دعم أبحاثه العلمية، وكان التخطيط مبكراً لإحياء هذه السنّة النبوية المباركة، بالتوجه إلى علمائنا لمعرفة استحقاق المركز للحصول على الصدقات والتبرعات لتمويل المشاريع البحثية التي يعود نفعها على مجتمع المعوقين، وصدرت فتوى المفتي العام للمملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بجواز دفع الأوقاف الخيرية أو الصدقات التطوعية للمركز من باب التعاون على البر والتقوى، حيث أن المركز يهدف إلى علاج الإعاقة والإحسان إلى المعوقين ورعايتهم، فهم أخوة لنا ويجب علينا مساعدتهم مادياً ومعنوياً. ومن المتوقع أن يضطلع "الوقف الخيري" بأدوار مهمة خلال تعزيز دور المركز في تلبية احتياجات فئة عزيزة علينا، في إطار الدور التاريخي للوقف في الإسلام، بوصفه مؤسسة تحقق أبعادا إنسانية وحضارية واجتماعية واقتصادية، وبذلك يشكل وقف المركز أهمية كبيرة في تعزيز رسالته ليكون متميزا في مجال أبحاث الإعاقة، وله إسهامه وتأثيره في الحد من الإعاقة وتحسين نوعية الحياة للمعوقين من خلال الأبحاث العلمية التي تستند على معايير عالمية عالية، وتحقيق هذه الطموح وتحويله واقعاً عبر الالتزام بالسعي الجاد وراء المعرفة النافعة، وبناء الفريق والمشاركة في المعرفة والقدرات، وترسيخ ثقافة المصداقية والمهنية والإنسانية. فإنشاء اول وقف خيري للمركز بحي السفارات بالرياض يحبس فيها الأصل، ويسيل عائده ليشكل مصدر دخلا ثابتا يغطي جانباً كبيراً من نفقات دعم الأبحاث العلمية للمركز، فمع تضاعف التزامات المركز، وزيادة نفقات دعم البحث العلمي، (والتي فاقت المائة مليون ريال)، برزت الحاجة إلى إيجاد مصدر دخل دائم يسهم في ضمان استمرارية دعم البحث العلمي. رعاية المؤسس * اختيار حي السفارات لإقامة المشروع، هل نظرتم لذلك كإضافة وجهة سياحية للحي مالذي يضيفه الوقف الفندقي للحي؟ * حظي هذا المشروع برعاية واهتمام كبير من مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي لم يكن ليتحقق لولا فضل الله سبحانه وتعالى ثم توجيهاته الدائمة ودعمه المستمر، الذي تعودنا عليه ولمبادراته -أيده الله- حيث كان أول الداعمين له، وقام –حفظه الله- بتدشين المشروع في شهر محرم 1434ه كما تشرف الوقف بوضع حجر الأساس من مقامه الكريم بتاريخ 12 رمضان 1435ه، ويقام المشروع على مساحة قدرها (7264م2)، ويمثل المشروع الفندقي نقطة جذب لمرتادي الحي الدبلوماسي بعدد (110) شقق فندقية من فئة الخمسة نجوم. جدوى الاستثمار *اختيار المشروع ليكون شقق فندقية بحي السفارات، ما تقييمكم لمدى نجاح المشروع؟ * تم اختيار لجنة الاستثمار والموارد المالية من شخصيات وتخصصات تعود على المركز بالنفع إن شاء الله، ممن يتمتعون بالخبرة والسمعة الحسنة والمكانة الاجتماعية ويحوزون على ثقة مؤسسي المركز وشركائه، ويرأسها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز ويتم التركيز على الاستثمار الدائم والمأمون من المخاطر والتقلبات الاقتصادية، وتعمل اللجنة وفق الأهداف المرسومة لها والاستراتيجية الخاصة باللجنة، والانطلاق من نظام محكم ولائحة للأوقاف والاستثمار الخيري، بما يحقق العائد المستمر، وتعمل اللجنة وفق الأسس الشرعية والاستثمارية بالطرق الشرعية والنظامية، واختيار اللجنة لهذا المشروع جاء بعد دراسات مطولة والاستعانة ببيوت الخبرة في المجال. بيئة الخير * تزامن اللقاء الحادي عشر للمؤسسين بالمنطقة الشرقية باحتفال المركز بمرور (25عام) على التأسيس، ما تقييمكم لحجم تفاعل أهل الخير مع دعم المشروع وبرامج المركز ومشاريعه البحثية؟ * إننا نعيش في ظل بيئة خيرة، ووطن معطاء، تتناغم فيه طموحات مؤسس المركز، وتفاعل المواطن، وقد تسابق الجميع في مد يد الخير لمواصلة دعم هذا الصرح لتقديم رسالته وتحقيق أهدافه، بدءا من قيادتنا حفظها الله، مرورا بمؤسسات الدولة، والباذلين للخير من داعمين، ومؤسسات خيرية وهناك الكثير من نماذج العطاء المشرقة، التي تستحق الذكر والشكر لأنها قدمت القدوة الحسنة وعكست صورة طيبة عن مجتمعنا، إلى جانب مبادرات الشركاء من أهل الخير من الشركات والمؤسسات والمصارف الوطنية الكبرى، ويقوم المركز بتكريم داعميه، من قبل مؤسس المركز سيدي خادم الحرمين الشريفين، عن طريق لقاءات تخصص ذلك من قبل مقامه الكريم، وإطلاق أسماء المتبرعين والداعمين للمركز وبرامج البحثية، كما يقوم المركز بالعمل على إعطاء مؤسسيه الذين قاموا بتسديد كامل العضوية وسام الملك عبدالعزيز تقديراً لإسهاماتهم الرائدة في دعم المركز. النقلة النوعية * هناك من يرى أنّ سباقاً غير متكافئ يقوم بين جهودكم من ناحية و"غول" الاعاقة من ناحية أخرى، ماذا تقولون في هذا الصدد؟ * تعيش قضية الإعاقة في المملكة نقلة نوعية انطلقت قبل أكثر من عقدين من الزمن، بدءاً بتوفير منظومة من خدمات الرعاية والعلاج والتأهيل لأبناء هذه الفئة في كافة المناطق عبر العديد من المراكز المتخصصة التي تسابقت في إقامتها الدولة ومؤسسات العمل الخيري والقطاع الأهلي، مروراً بإقرار نظام وطني لحقوق المعوقين وواجباتهم، وصدور العديد من الأنظمة والقوانين التي تتصدى لأسباب الإعاقة ومنها برنامج الفحص المبكر، وبرنامج الفحص قبل الزواج، إضافة إلى سلسلة من التسهيلات لدمج المعوقين في المجتمع، ويمكن القول إن مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة لعب دوراً محورياً في تلك النقلة بتبنيه لأول مرة في المملكة استراتيجية إعلامية تهدف إلى بناء رأي عام واع بقضية الإعاقة وطرق تجنبها وبكيفية التعامل مع المعوق، واستثمر المركز بكافة الوسائل الممكنة في تنفيذ تلك الاستراتيجية والوصول إلى الفئات المستهدفة. ثقة المجتمع * ما أبرز التحديات التي تواجه المركز بعد كل تلك النجاحات؟ وما هي وسائل تجاوزها؟ - بحمد الله المركز حاز ثقة المجتمع، ويتجسد ذلك بانضمام أكثر من (110) مؤسس لجمعية المؤسسين، وكذلك الشركاء المحليين والعالميين فهو يواجه التحديات في توفير المال اللازم لدعم أبحاثه وبرامجه بالمزيد من المشروعات الخيرية الوقفية، التي يعول عليها المركز كثيراً في تغطية الجزء الأكبر من نفقاته البحثية والتشغيلية؛ وهذا الأمر يعني أن هناك سباقاً دائماً بين الرغبة في توفير التزاماته بدعم الأبحاث، وتطويرها وفق الحاجة الملحة، والحاجة إلى مصادر تمويل دائمة، وبالطبع فإن تلك الصعوبات والتحديات تتطلب تواصل المساندة المجتمعية وتكاتف الجهود من الجميع، وهذا ما عهدناه بمشيئة الله من أبناء ومؤسسات هذا البلد الطيب، ويتطلب ذلك أيضاً ابتكار وسائل جديدة لدعم مشروعات المركز، ويشتمل المنظور المستقبلي هذا الجانب الحيوي الذي يضمن استمرارية المركز، وتطور خدماته في دعم الأبحاث وتبنى المشاريع والمبادرات الوطنية التي تخدم قضية الإعاقة، ومثل هذا التحدي يجعل من النظرة إلى المستقبل، وقراءاته، والاستعداد له ضرورة حتمية.