يصاب المتابع للسياسة الخارجية القطرية بالكثير من الحيرة خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعلاقة مع بقية دول مجلس التعاون، ففي الوقت الذي يراق فيه الدم القطري للدفاع عن الشرعية في اليمن إلى جانب بقية دول التحالف العربي بقيادة السعودية، تستضيف الدوحة وتدعم زعامات جماعة الإخوان الذين لا يخفون عداءهم للمملكة وشقيقاتها في دول المجلس. المشكلة لا تتعلق ب(الجماعة) فقط بل بمستوى الحرص على إقامة روابط وصلات عالية المستوى مع النظام الإيراني الذي يسعى لزعزعة الاستقرار ونشر الفوضى في أوطاننا دون استثناء، ومع أننا في مواجهة صريحة مع هذا النظام على أكثر من جبهة إلا أن الواقع يكشف كل مرة عن وجود تنسيق أقل ما يقال عنه إنه مشبوه بين الدوحة وطهران وكأن هذه المواجهة لا تعنيها. وفي الوقت الذي استضافت فيه الرياض الشيخ تميم بن حمد مع بقية زعماء العالمين العربي والإسلامي في قمة مع الرئيس الأميركي لمواجهة الإرهاب والنفوذ الإيراني في المنطقة، تتعمد صحيفة محسوبة على قطر نشر مقال لمحمد جواد ظريف وزير خارجية هذا النظام يهاجم فيه المملكة ويتهمها بالتطرف الذي ندرك جيداً من يغذيه ويقف وراءه. هذا هو الخلاف الحقيقي، وليس بسبب خطاب منسوب لأمير قطر، فهو وإن تم نفيه يمثل ما ظهر من جبل الجليد الذي يخفي حالة من الاختلاف الخليجي الخليجي رغم محاولات الإنكار الرامية لرأب الصدع واحتواء الأشقاء، خلاف ظهر في مصر عندما وقفت قطر مع (جماعة) ووقف الخليجيون مع شعب، وفي ليبيا عندما دعمت هي مجموعة من المليشيات والعصابات وساندنا نحن جيشاً وطنياً وبرلماناً شرعياً، وبينما مولت الدوحة جبهة النصرة التي صنفناها منظمة إرهابية لارتباطها بالقاعدة، أعلنا دعمنا للمعارضة السورية الممثل الشرعي للشعب السوري وذراعها العسكري الجيش الحر. كل ما تقدم يمكن القبول به في إطار الإقرار بالسيادة وحق الاختلاف السياسي إلا أن إيواء ودعم ومحاباة كل من يكن لي العداء ويضمر لي الشر ليس إلا حرباً بالوكالة رغم كل محاولات النفي والتعتيم. مازال هناك أمل في عودة (الأخ الضال) فما يحيط بخليجنا من تحديات ومؤامرات لا يحتمل هذا التصعيد، ولا يقبل هذا الشقاق الناتج عن تضارب المواقف القطرية التي تجعلك في حيرة وتساؤل مشروع عمن يتخذ القرار في الدوحة، هل هو الشيخ تميم الذي نعلم جيداً تقديره العالي للملك سلمان وبقية قادة الخليج؟ أم أن هناك معسكرا قديما مازال يحرك خيوط اللعبة في الكواليس؟ وفي كل الحالات لا بد لنا أن نتعامل بحكمة مع هذه الشيزوفرينيا السياسية التي تجاوزت مرحلة المراهقة إلى ضرب الوحدة الخليجية لصالح إيران وعملائها.