كثيراً ما يكون استخدام المصطلحات الخاطئة سبب في نشر فهم خاطئ لتفسير المشاكل الاقتصادية أو الأزمات التي تواجهنا مما يخلق عدم توافق بين الاقتصاديين والمختصين في رؤيتهم لحل تلك الأزمة وبالتالي التشويش على المتلقي. باعتقادي أن أزمة تملّك السكن هي مثال جيد لمثل هذا الخطأ الدارج في وصف الأزمة فكثيراً هم الذين يستخدمون مصطلح أزمة سكن لوصف تلك الأزمة مما يترتب عليها فهم وتفسير خاطئ لماهية الأزمة وأساليب حلها مما قد ينقل صورة خاطئة للمواطن حول طبيعة تلك الأزمة ويحمل المسؤول عن الحل مهاماً أكبر مما يجب ويرفع سقف التوقعات والآمال حول النتائج المرجوة للحل لأعلى من مستوى المنطق مما يخلق إحباطاً من الحلول المطروحة أو حتى المنجزة. من الضروري استخدام المصطلح الصحيح لوصف الأزمة لفهمها ومعرفة حجمها لوضع الحلول المنطقية والصحيحة لها، والآن ولمعرفة مدى صحة المصطلح المستخدم من قبل البعض دعونا أولاً أن نعرف تلك المصطلحات لكي ننظر مدى ملائمتها لواقع الأزمة لاستخدامها ولخلق توافق بين الاقتصاديين والمختصين في وضع الحلول. تعريف أزمة السكن: عندما يكون عدد الوحدات السكنية في دولة ما أقل من عدد السكان أو عدد الأسر بنسبة تقل عن 20% سواء كانت مخصصة للتملك أو للإيجار وبالتالي يلجأ السكان للسكن في أماكن غير مهيئه للسكن أوغير مناسبة للسكن (مثل ما نشاهد في بعض الدول الفقيرة من انتشار المساكن العشوائية). أزمة التملك: عندما يصبح أكثر من 70% من مواطنين دولة ما بدخل منخفض لا يمكنهم من شراء مسكن ملائم في المدينة التي يقطنوها (تقاس عادة بعدد الأمتار التي يشتريها متوسط الراتب الشهري لسكان مدينة ما - وهناك مؤشرات تصدر من دور استشارية متخصصة فيها مقارنات بين عدد من المدن حول العالم) وهنا أود الإشادة بتقرير أصدرته شركة دراية المالية قبل عدة أعوام فيه مقارنة ل46 مدينة حول العالم تصدر فيه سكان مدينة زيورخ السويسريه القائمة بسبب ارتفاع متوسط دخل الفرد فيها حيث يستطيع المواطن هناك شراء 15.91م2 من المسكن بمعدل دخله الشهري في المقابل كان سكان مدينة بومباي الهنديه الأسوء حالاً بين مدن العالم حيث إن متوسط الدخل للفرد هناك يمكنه من شراء 0.36 م2 أي أن الفرد العادي يحتاج الى 277 سنة لشراء مسكن مساحته 100م2 أما سكان المدن السعودية فحصلوا على ترتيب متقدم بين دول العالم وقد يعود السبب إلى ارتفاع معدل الدخل الشهري نسبياً وانخفاض قيمة العقار بين تلك المقارنات وتفوق سكان مدينة الدمام (المركز الرابع عالمياً) بقوة شرائيه لمعدل الدخل الشهري تمكنه من شراء 11م2 على سكان مدينة الرياض (المركز العاشر) بقوة شرائية لمتوسط الدخل الشهري للفرد والتي تشتري له 8م2 من المسكن أما مدينة جدة التي كانت الأقل بين مدن المملكة (المركز 15) بقوة شرائية لمعدل الراتب الشهري للفرد لشراء 7م2من المسكن وحسب التقرير والذي حصلت مدن المملكة الرئيسية على ترتيب متقدم بين تلك المدن حول العالم فلا يمكن أن نطلق وصف أزمة تملك على مدن المملكة بناء على تلك المقارنات. لو نظرنا للتعريفات السابقة لوجدنا مدى أهميتها لحل الأزمة أو على الأقل لمنع تفاقمها لتصل لمستوى الأزمة إذ إن الأزمة لدينا ينطبق عليها التعريف الثاني وهو أزمة تملك مسكن وليس أزمة سكن مما يجعل الحلول تختلف كلياً. فلوضع الحلول أولاً يجب قياس نسبة المواطنين الذين لا يتمكنون من تقسيط مسكن يناسبهم بدخلهم الشهري لنعرف هل وصلنا لنسبة تزيد عن 65% لنطلق عليها وصف أزمة ومن ثم يتم وضع حلول لتمكين عدد أكبر منهم لشراء مسكن عبر تحفيز القطاع الخاص لبناء وحدات مناسبة لتلك الفئة وخلق منتجات تمويلية ميسرة لهم من البنوك وشركات التمويل العقاري.