منذ تسلم خادم الحرمين -رعاه الله- مقاليد الحكم والوطن أشبه ما يكون بورشة عمل دؤوبة ونشاط لا ينضب وحراك نوعي مستمر لتحقيق أسباب التنمية المستدامة بشمولية وعدالة متوازنة، عهد ميمون يؤسس لمستقبل زاهر ويتميز بجزالة العطاء وبمنهج الكفاءة ونهج الالتزام وسرعة التجاوب وتحقيق النتائج، نتيجة توالي التغييرات التنفيذية والتنظيمية لأجهزة الدولة وتعزيز قدرتها المؤسساتية وتكريس ثقافة أدائها، باعتباره المحرك لدفع عملية التنمية لمواكبة مقتضيات العصر والاستجابة لمتطلباته، وصولاً إلى الريادة المنشودة في مجالات وقطاعات تنسجم مع مستهدفات رؤية الوطن 2030. لقد جاءت الحزمة المتنوعة من الأوامر الملكية الأخيرة شاملة وحاملة في جعبتها بشائر الخير وتحتاج إلى عدة مقالات لنقاشها، لكن أهم ما ميزها تحديداً هو اللفتة الكريمة بإعادة جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية للموظفين المدنيين والعسكريين، مما سيحفظ التوازن المالي لدى كثير من الأسر لمواجهة كثير من المتغيرات ويخفف عنها عبء المصروفات؛ كما شملت سحابة الخير في لفتة أبوية حانية تعبر عن امتداد تقدير الدولة لما يقوم به جنودنا البواسل من دور للدفاع عن الدين والوطن، باعتماد صرف راتب شهرين للمشاركين الفعليين في الصفوف الأمامية من المرابطين والمجاهدين على الحدود الجنوبية، مساندة لهم وشداً لأزرهم في مواجهة متطلبات ظروف الحياة. حيث يتوقع أن تلعب قيمة التغير في الدخل على دعم المحافظة على ما تبقى من القيمة الاقتصادية للطبقة الوسطى في المجتمع والتي هي بمثابة العمق لباقي الطبقات الأخرى، وفي تآكلها زيادة لعدد المنتسبين للطبقة الفقيرة، وبالتالي العودة إلى مرحلة تحمل الدولة أعباء الدعم مرة أخرى؛ فالهدف هو اقتصاد مزدهر بما في ذلك المحافظة على ديناميكية نشاطه، مما سيسهم في نمو الاستهلاك وتسريع مستوى القوة الشرائية إجمالاً. كما حوت الأوامر الملكية تحولاً حقيقياً في مكافحة الفساد بإقالة أحد الوزراء نتيجة ما ارتكبه من تجاوزات تشكل فساداً، والأمر بإحالته كذلك للتحقيق في سابقة قانونية لم تحصل منذ صدور «نظام محاكمة الوزراء» قبل ما يزيد عن خمسة وخمسين عاما، مما يشكل منعطفا جديدا في مبدأ مسالة ومحاسبة المسؤولين، وبنفس القدر يؤكد حزم الدولة وعزمها على معاقبة كل من يستغل نفوذه وسلطته الوظيفية لتحقيق مصلحة شخصية، مهما علا شأنه لأن مصلحة الوطن ومواطنيه تُعلى ولا يُعلى عليها، وأخيراً وفي مبادرة تعكس الاستشعار بمستلزمات المرحلة والرغبة في تهيئة الكوادر الشابة والثقة في استعدادهم لتحمل المسؤولية، أقر المليك تعيين عدد من الأمراء الشباب في مناصب نواب أمراء المناطق، في خطوة تؤكد النظرة الثاقبة لتثبيت أحد أركان نظام الحكم.