بات من المألوف لأهالي إقليم الوشم مشهد الحافلات السياحية التي تأتي من الرياض كل أسبوع محملة بسائحين من مختلفي الجنسيات، قدموا ليقضوا وقتاً بين أحضان التاريخ والتراث في القرى التراثية، وفي بيئة تحاكي الشكل المعماري القديم للمدينة وللمملكة قبل عصر النفط، حتى أن جدراناً متهدمة بُنيت بشكلها القديم. بوابة القرية التراثية لمدينة أشيقر(المصاريع) تصافحك بأبنية الطين التي أُعيد ترميمها، ووفي مدخلها سترى قهوة الخراشي، والتي تم تجهيزها لاستقبال الزوار وتقديم الشاي والقهوة؛ وبجانبها استراحات وبيوت شعر، وجلسات جرى تصميمها من جذوع النخل، وبالجوار طابور من الزوار يأخذ دوره ليتذوق الأكلات الشعبية القديمة؛ والتي تم طهيها من قبل الأسر المنتجة بأسعار تشجيعية ويتم تسويقها بنظام الوزن، وداخل إحدى المزارع القديمة، وتحديداً بأحد حيطانها الخضراء يقبع (المدَرج) وهو مكان جرت تهيئته لتقديم أكلات شعبية محلية الصنع تضم القرصان والجريش والمرقوق بما يشبه البوفيه المفتوح للسياح والزوار، ويضم جلسات شعبية لتناول الطعام وجلسات أخرى لشرب القهوة. وعلى بعد أمتار ثمة درج قصير يدخل بك لمتحف الشيخ حمد السالم، الذي يجمع التاريخ كله بأدواته وآلاته وعملاته وأجهزة تليفوناته العتيقة، ونماذج لأشياء مر عليها ما يقرب من 150 عاماً، ويقف السالم بعصاه الرفيعة يشرح للزوار كيف كان يعيش الأجداد، ويوضح لهم كيف كانت تعمل الأدوات والآلات القديمة كسراج الشحم والأبواب الخشبية والقطع الصغيرة كالأقراط والخواتم ولوازم المرأة النادرة. والمتحف مقسم لعدة أقسام، فمنها: ركن المرأة ومستلزماتها، ركن القهوة وأغراضها، المدرسة قديماً، ركن الزراعة وأدواتها، وغيرها من الأقسام الأخرى. والمتحف أصبح يستعين بشاب سعودي نشط كمرشد ودليل سياحي ومترجم لشرح مقتنيات المتحف للزوار. بيت التراث على بعد أمتار من متحف السالم يقف بيت التراث التاريخي، وفي مدخله وضع مجسم كبير للميزان القديم، وعلى اليسار مجموعة حيوانات محنطة، ثم متحف حمد الضويان، الذي يضم أيضاً العديد من القطع الأثرية والتراثية، وزجاجات المشروبات التي كانت سائدة قديماً، والمتحف على شكل أجنحة، كجناح المرأة، المطبخ، دكان القرية، البيئة والحياة الفطرية، الألعاب الشعبية، والمناهج الدراسية. كما تحتوي القرية التراثية عدة أماكن أخرى للتنزه كمشروع دار المؤرخ إبراهيم بن عيسى للثقافة والتراث النجدي ودار الشنيبر للتراث، ودار العمر التراثي؛ والجميل أن تلك الدور حولها أصحابها إلى متاحف بجهود ذاتية، تكتسي جميعها بالطابع القديم، بما يحاكي فعلياً الحياة القديمة. ويستقبل "دار العُمر التراثي" زواره بعملات نادرة وأسلحة قديمة، وأدوات فلاحة نادرة، وقد أتاحه صاحبه عبدالرحمن العمر بمحتوياته على "تويتر" و"أنستغرام"، ليطلع الجميع على ما يحويه من مقتنيات تعكس اهتمام العمر بالتراث منذ 30 عاماً تقريباً، أما المتحف فعمره (3) سنوات تقريباً، ويشهد حسبما أكد العمر ل(الرياض) إقبالاً جيداً في نهاية كل أسبوع، حيث تفد إليه زيارات من داخل المملكة وخارجها، ويأمل، أن تزيد الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من وتيرة اهتمامها بالقرية التراثية، كون القرية بحاجة إلى لوحات إرشادية توضح للزوار الأماكن التي تحتويها، والممرات، وأن يكون ذلك بأكثر من لغة نظراً لتنوع الجنسيات التي تزور القرية، وهو ما يحتاج إلى تواجد مرشدين سياحيين أيضاً ليشرحوا محتويات القرية بلغة الزوار أنفسهم. "دار" عبدالله بن عبدالعزيز بن حمد الشنيبر" من المتاحف التراثية بالقرية، فهو يقوم على الدار بنفسه، وجرى افتتاحها منذ عام 1434ه، وقد جمع محتوياتها من أجداده وأعمامه، وبعض أهله، ومعارفه وأصدقائه، وغيرهم، ويضم المتحف مقتنيات وقدور طبخ مر عليها سنوات تتراوح بين 80 إلى 100 سنة، ومنها قدور كان الأجداد يطبخون فيها "الجراد"، إضافة إلى "السمور" وهو وعاء كان يُستخدم لتسخين الماء، ويأتي عادة من تركيا، وهو مصنوع من النحاس، إضافة لثياب قديمة جرى تجهيزها في مكةالمكرمة منذ عام 1380ه، وكذلك ريال عربي منذ عهد الحرب العالمية، جرى استخراجه من غواصة هوت إلى القاع بفعل الحرب بعهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-. وفي ختام جولتنا شاهدنا منتجع "جدي حمد" من الخارج حيث يقدم الوجبات الشعبية في واحة خضراء، تحفها أشجار النخيل، والبيوت الطينية، وبها بعض الحيوانات الأليفة المحببة للأطفال. مزارع تحيط ببوت الطين المجددة الأكلات الشعبية تسجل حضورها متاحف خاصة متهددة في اشيقر