عبدالرب السلامي عامان مرا على انطلاق عاصفة الحزم، التي أطلق عليها اليمنيون في وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي (عاصفة إنقاذ اليمن) حيث يعدّون عاصفة الحزم، السيف القاطع الذي بتر يد إيران حين حاولت أن تمتد إلى اليمن لتحولها إلى حوزة خمينية، ومن ثم تتحول مليشيا الحوثي الإرهابية وكيلاً لإيران وخادماً مطيعاً في اليمن، توجهه حسب مقتضى مصالح العدوان الفارسي وأطماعه التوسعية في المنطقة. السلامي ل«الرياض»: لن نتنازل عن تنفيذ آليات المبادرة الخليجية "الرياض" التقت وزير الدولة في الحكومة اليمنية الشيخ عبدالرب السلامي، الذي سلط الضوء على عدد من القضايا ذات الصلة على الساحة اليمنية، كما تحدث عن عاصفة الحزم، والتحالف العربي بقيادة المملكة في تلبية نداء الإخوّة والجِيرة، وعن موقف الحكومة اليمنية من خارطة ولد الشيخ، وعن أدوار علماء اليمن في المعركة ضد التمرد الحوثي، وكشف عن جملة من الحقائق في الحوار الآتي: انقلاب على الشرعية * تمر الذكرى الثانية لانطلاق عاصفة الحزم، وكونك أحد وزراء الحكومة اليمنية الشرعية، ما الذي تحقق للدولة اليمنية خلال السنتين؟ * نحن في اليمن وفي ظل هذه الظروف ينبغي أن لا ننظر الى الأمور من زاوية جلب المصالح، وما هو الواجب تحقيقه، ولكن يجب أن ننظر إليها من زاوية درء المفاسد، وما الواجب دفعه فعندما نتفق أن الانقلاب على الشرعية وإسقاط الدولة اليمنية والتدخل الإيراني في اليمن مفاسد عُظمى حالاً ومآلاً فإن أهم ما حققته الحكومة الشرعية اليمنية، بدعم مشكور من التحالف العربي بقيادة المملكة، خلال العامين الماضيين -رغم فداحة التكاليف- شيئين مهمّين هما: كسر شوكة الانقلاب ومنع إيران من التفرد بالنفوذ في الشأن اليمني. «تواصل» جمع كلمة التيارات الدعوية اليمنية وعزز العلاقة مع علماء المملكة معركة مصيرية * لو افترضنا أن المملكة أدارت ظهرها لليمن، ولم تستجب لنداء الإخوة، وتركت اليمن يواجه مصيره وحيداً، كيف سيكون الحال من وجهة نظرك؟ * بعد الانقلاب الحوثي أصبحت اليمن مرشحة للسقوط الكامل بيد المشروع الإيراني، وهذا السقوط لا يمثل خطراً على اليمن فقط؛ بل هو خطر على كافة شعوب الجزيرة العربية، وعلى وجه الخصوص المملكة، ومن هذا المنطلق فإن معركة المملكة في اليمن هي معركة مصيرية من أجل الدفاع عن أمنها الوطني خصوصاً، والدفاع عن الأمن القومي العربي لبلدان الجزيرة العربية عموماً، فلو أن المملكة أدارت ظهرها لليمن -على حد تعبير سؤالك- لكانت الأوضاع اليوم في منطقة الجزيرة العربية مختلفة اختلافاً كبيراً، وميزان القوة مختلاً لصالح المشروع الإيراني التوسعي. إنجازات ملموسة * ننتقل لشأن ذي صلة ببرنامج التواصل مع علماء اليمن الذي ترعاه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة، كيف تقيّم مسيرة البرنامج وماذا حقق؟ * أراه برنامجاً ناجحاً جداً وحقق خلال العام والنصف منذ تأسيسه إنجازات ملموسة سواء باتجاه تعزيز وتقوية العلاقة بين علماء اليمن وعلماء المملكة، أو باتجاه جمع كلمة العلماء والدعاة والتيارات الدعوية اليمنية من خلال دعم تنسيقية علماء اليمن ورعاية ميثاق العمل الدعوي الذي يعد وثيقة تاريخية في مسيرة الجماعات والتيارات الدعوية اليمنية، إضافة إلى حزمة من الأنشطة والسياسات التي تعزز من نهج الوسطية والاعتدال في الساحة الدعوية اليمنية. وبرنامج التواصل يعد برنامجاً ناجحاً جداً، وقد حقق إلى الآن إنجازات ملموسة في أربعة مجالات، هي: جمع كلمة العلماء والدعاة، ورعاية ميثاق العمل الدعوي، وتقوية نهج الوسطية والاعتدال في الساحة الدعوية، وتعزيز وتقوية العلاقة بين علماء اليمن وعلماء المملكة. تأثير العلماء * أفهم من حديثكم أن وضع العلماء والدعاة في اليمن كان يعاني تشتتاً ووضعاً صعباً للغاية فهل من توضيح أكثر؟ * لا.. لم أقل إن وضع العلماء والدعاة صعب، ولكن قلت إن وضع اليمن هو الصعب، أما العلماء فهم جزء من الشعب اليمني يعانون من تلك الصعوبات مثلهم مثل غيرهم من تكوينات المجتمع اليمني، ولا شك أن الظروف الصعبة تؤثر سلباً على رسالة العلماء الإرشادية لكن رغم ذلك فلا يزال حضور العلماء قوياً في المشهد الثقافي والاجتماعي والسياسي اليمني، وأتوقع أن يتعزز دورهم في المستقبل أقصد في مرحلة البناء وإزالة آثار الحرب. المد الصفوي * يضطلع علماء ودعاة اليمن بأدوار مهمة في التصدي للخطر الصفوي الفارسي، ما طبيعة تلك الأدوار؟ * لعلماء اليمن في مجابهة المد الإيراني في اليمن دور متقدم بدء قبل الانقلاب بسنوات، وهو دور إسلامي ووطني يتكامل بشكل كبير مع أدوار القوى الوطنية اليمنية الأخرى، فالعلماء والدعاة عملوا ولا زالوا يعملون في مجابهة ذلك المد في جبهة البلاغ والبيان والتربية والتعليم والإرشاد الديني، وهذه جبهة مهمة لا تقل أهمية عن الجبهات والمجالات الأخرى التي تنشط فيها قوى سياسية واجتماعية يمنية أخرى، وذلك من منطلق أن مواجهة المد الصفوي هي مهمة كل اليمنيين، وليست مسؤولية فئة معينة من فئات المجتمع. المبعوث الأممي * ما هو موقف الحكومة الشرعية من مساعي المبعوث الأممي وما حقيقة مقترحات ولد الشيخ؟ * موقف القيادة السياسية والحكومة الشرعية من المبادرات الدولية موقف مبدئي واضح، وتم طرحه في مفاوضات جنيف الأولى والثانية، ثم بشكل أكثر وضوحاً في مفاوضات الكويت، ويتلخص الموقف في عدم التنازل عن المرجعيات الوطنية الناظمة للعملية السياسية وهي المبادرة الخليجية، وآلية تنفيذها، ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الدولية ذات الصلة، وعلى وجه الخصوص القرار 2216، فأي مبادرات يطرحها المبعوث الأممي أو أي طرف دولي سيتم التعاطي معها وفقاً لهذا المبدأ، ولذلك كان الرفض من قبل القيادة الشرعية لبعض بنود المبادرة الأخيرة التي طرحها المبعوث الأممي، إنما كان بسبب تجاوزها لبعض نصوص تلك المرجعيات. القوى الانقلابية * ما رأيك بمصطلح "العدوان" الذي يردده إعلام المخلوع والحوثي في توصيفه لمعركة استعادة اليمنيين لدولتهم؟ * في البدء لا بد من تحرير مصطلح العدوان، فهناك صورتان للعدوان فيما يتعلق بالدول، الأولى داخلية وتتمثل في كافة أشكال الاعتداء على مؤسسات الدولة بدون أي شرعية دستورية أو إرادة شعبية، وهذا هو ما ينطبق على القوى الانقلابية التي احتلت مؤسسات الدولة الشرعية، وتسببت في انهيار الدولة اليمنية برمتها، وأما الصورة الثانية للعدوان فهي العدوان الخارجي ويتحدد وفق قواعد القانون الدولي في انتهاك سيادة الدولة من قبل قوة خارجية، أو التدخل في شؤونها الداخلية، والسعي لقلب نظام الحكم فيها، وهذه الصورة تنطبق تماماً على العدوان الإيراني الذي ثبت يقيناً تدخله السافر في شؤون اليمن الداخلية، ودعمه لعصابات وظيفية لإسقاط الدولة واحتلال عاصمتها صنعاء واعتبارها العاصمة العربية الرابعة التي تسقط في يد المشروع الايراني، على حد تعبير كبار رجالات الجمهورية الإيرانية. أما عاصفة الحزم، التي يطلق عيها إعلام صالح والحوثي عدواناً، فهي ليست سوى خيار اضطراري لجأت إليه الشرعية اليمنية لدفع العدوان الداخلي المتمثل بالانقلاب والعدوان الخارجي المتمثل بالتدخل الإيراني، وستظل عمليات التحالف العربي تكتسب المشروعية الدولية ما دامت في حدود الشرعية اليمنية. عودة اليمن * بتقديركم متى ستنتهي المعركة ويتخلص اليمن من مرتزقة إيران وحلفائهم، ويعود وطنكم آمناً مستقراً؟ * المواطن اليمني يعاني كثيراً والمؤشرات تدل على أن المعاناة قد تطول، وليس هناك من مخرج للأزمة اليمنية إلا باستعادة الدولة، وقد تطول المعركة ولكن نهايتها معروفة، وهي عودة الدولة وسقوط الانقلاب، سواء بالحسم السياسي أو الحسم العسكري. وأتوجه إلى الله العلي القدير وأدعوه أن يرفع الغمة والكرب عن اليمن وأهله، وأن يبدلنا من بعد الحرب سلاماً واستقراراً، ومن بعد المجاعة رخاءً وازدهاراً، ومن بعد حكم العصابات دولة مؤسسات ونظام وقانون.