يوماً بعد آخر يثبت الاقتصاد السعودي قوته ومتانته كانعكاس طبيعي لحالة الاستقرار وحجم النمو الذي تعيشه البلاد، وما تملكه من إمكانيات وخيارات استثمارية حولتها إلى منطقة جذب آمنة للمستثمرين الأجانب. هذه المعطيات ظهرت جلية في نجاح وزارة المالية في تلقي طلبات قوية من المستثمرين على إصدارها الدولي الأول تحت برنامج الصكوك حيث تجاوز المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب في هذه الصكوك 33 مليار دولار أميركي (ما يعادل 123.75 مليار ريال)، مع أن حجم الإصدار تم تحديده بمبلغ تسعة مليارات دولار (ما يعادل 33.75 مليار ريال). هذا الأداء يعكس الدور الذي يلعبه مكتب إدارة الدين العام بوزارة المالية في تحقيق رؤية المملكة 2030، وكذلك نجاح هذا المكتب في عملية تطوير إستراتيجية الدين العام في المملكة، وضمان تحقيق اقتصاد مستدام ومزدهر وكذلك تأمين احتياجات المملكة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة على المدى القصير والمتوسط والبعيد بحيث تكون المخاطر متوافقة مع السياسات المالية للدولة. إصدار وزارة المالية الدولي الأول تحت برنامج الصكوك، هو تطور جوهري يهم أسواق الدين الإسلامية، والتي انتظرت طويلاً مثل هذا الطرح الضخم الذي يمثل بداية دخول المملكة لأسواق الدين الإسلامية، وسعيها إلى تنويع قاعدة المستثمرين الذي يفضلون الاستثمار في الصكوك بدلا من السندات. حجم التغطية الكبير يشير وبلغة الأرقام إلى حجم الثقة في الإصلاحات الاقتصادية للمملكة الهادفة لتقليل عجز الموازنة، والثقة في خطط المملكة لتحفيز نمو الاقتصاد، وما تتمتع به من حجم احتياطي في النقد الأجنبي للدفاع عن العملة من قبل المضاربين الذين قد يراهنون على تخفيض قيمتها. هذا الإصدار يمثل أهمية أخرى تتمثل في أن الدولة لم تسع إلى إصدار سندات محلية حتى لا يتسبب الإصدار في الضغط على سيولة القطاع المصرفي، ومن ثم ارتفاع تكاليف الاقتراض كما حدث في العام الماضي، ومنح الفرص للقطاع الخاص للاقتراض من المصارف دون أن يتم رفع التكلفة عليه.