لقد شق الملك سلمان -أيده الله- طريق الإصلاح الحضاري المؤسس على التعاليم الإسلامية والمبادئ والقيم الإنسانية العليا بعزم وحزم ورؤية مستنيرة وأمل شجاع متوجهاً نحو المستقبل حيث تقتحم بلادنا حضارة العصر وتمارس فعل العصر.. إن هنالك الكثير الذي يدفعنا إلى الوقوف على هذه الحقبة التاريخية المهمة التي يقودها الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- والتي تعتبر نقلة في الزمن فقد لاحظ -حفظه الله- أننا نعيش في عالم متغير ولابد أن تختلف الوسائل لمواجهة التحدي الذي يفرضه هذا العالم المتغير. ولذلك عندما تحرك الملك سلمان -حفظه الله- في كل الاتجاهات صنع أشكال الحياة ودارت عجلة الفعل لذلك فلابد للفكر أن يتحدث فقد كان التزام الملك سلمان -حفظه الله- بالتنمية الشاملة كأساس لكل الحياة العامة وتكريس هذا الالتزام في كل تحرك ومناسبة وموقف أمراً ليس سهلاً بل هو مجهود جبار وتحرك كبير. ولذلك فقد حان الوقت لنستنطق أقلامنا لرواية وتحليل واستقراء وتوثيق قصة الإصلاح التي دارت عجلتها بكامل قوتها وتصاعدت في الوطن كله وصارت ممارسة يومية تؤخذ مبادرة لا تقليداً أو محاكاة وفق منهج حضاري ومنظور صحيح يعبر عن آمال وتطلعات وطموحات الانسان السعودي لارتياد آفاق الحضارة. لقد وضع الملك سلمان أنظاره على هدف التنمية الأساسي -الإنسان- بتحويله إلى إنسان منتج فبدأ مشروعه الكبير وهو حشد للطاقات نحو المزيد من الفعل والمزيد من العطاء. تطلع من مشروع نحو غد مجيد تطلع نحو المزيد من التنمية.. التنمية، تلك هي الكلمة المفتاح، المفتاح للغد، ولكل حلم كبير تتقارب الشقة يوماً بعد يوم بينه وبين التجسد. وعندما نتحدث عن التنمية فنحن نعني بها فعلاً ينتظم جميع الأصعدة، المصنع الذي يقوم مظهراً من مظاهر التنمية ولكن حقيقة ذلك المظهر تتبدى في الخيار الحضاري الذي يلتزم الاتجاه نحو الصناعة بوعي وعلم لتحويل الثقل الاجتماعي نحو حقائق الغد. والمدرسة التي تفتح مظهر آخر من مظاهر التنمية تتبدى حقيقته في عين الخيار الحضاري الذي يؤمن بالعلم طريقاً ومنتهى، ووسيلة وغاية، ومكوناً من مكونات الغد تغور جذوره بعيداً في ثقافة الأمة وروحها. واليوم تقف بلادنا على عتبة العصر الحديث لتأخذ مكانها وسط الصفوف والإصلاح في هذه اللحظات التاريخية يأخذ حجماً وأهمية يفوقان كل اعتبار آخر لأنه يخرج بأمة حضارية كاملة إلى مرحلة الآفاق الجديدة وإن واجب المثقف الحديث تكريس الإحساس تجاه هذه اللحظة التاريخية. لقد شق الملك سلمان -أيده الله- طريق الإصلاح الحضاري المؤسس على التعاليم الإسلامية والمبادئ والقيم الإنسانية العليا بعزم وحزم ورؤية مستنيرة وأمل شجاع متوجهاً نحو المستقبل حيث تقتحم بلادنا حضارة العصر وتمارس فعل العصر ولابد أن ننظر إلى هذه المهمة التاريخية التي يضطلع بها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- نظرة هادئة تتجاوز رمزيتها إلى جوهرها وتخترق شكلها إلى محتواها. فماذا يعني هذا الإصلاح الحضاري. يعني أن بلادنا عاقدة العزم -بإذن الله- على أن تختزل في أعوام قصيرة ما استغرق الحضارة الحديثة التي سبقتنا أعواماً طويلة وأننا أمة تستطيع أن تستفيد فائدة واعية من مقدراتها البشرية وأننا مصممون -بعون الله- على دخول دنيا العلم والتكنولوجيا وأنه لم تعد هناك حواجز أو حدود أو سدود تستطيع أن تجهض طموحاتنا وأن كل الإنجازات التي كانت في مستوى الأحلام في أمس قريب صارت اليوم في متناول اليد. لاشك أن الملك سلمان -حفظه الله- ذو حس حضاري خارق ويتمثل ذلك الحس الحضاري في إيمانه بالموضوعية والتوازن الدقيق ومواجهة الحقائق سبيلاً للتعامل الدولي مع كل القوى الإقليمية والعالمية وفي إيمانه الواعي بالحوار ليس فقط لتوضيح وجهات النظر وإنما كذلك للسعي الإيجابي لتأكيد الذات والعمل على بلورة الخيار الحضاري لأن الحوار هو البديل العاقل للصراع ولأنه الوسيلة المثلى لتحقيق الأهداف الوطنية والقومية في هذا العالم المتشابك المصالح. لقد أخذت العلاقات الدولية أشكالاً جديدة أملتها الأوضاع العالمية الجديدة فالمتغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط استدعت دخول المملكة كبلد رئيسي في ساحة الأحداث بقوة واستخدمت المملكة ثقلها السياسي إقليمياً وعالمياً من أجل الوصول إلى مشاريع حلول عادلة وسليمة مما جعلها تأخذ صدر الصورة في أي مسعى سياسي ولقد تم ذلك بفضل الله ثم بما هي عليه المملكة اليوم من حكمة ونظرة واسعة ومتسامحة ومن عزة وقوة وشموخ في المجتمع الدولي حيث أصبحت كياناً يجمع وبلداً يوحد وقوة تعزز قدرة الأشقاء وتدعم الحق وتقف إلى جانب المبادئ في عالم يتنازعه الخوف وتتخطفه النكبات ومع إطلالة هذه المرحلة ظهر الملك سلمان -يحفظه الله- على الساحة العالمية كفاعل ذي دور رئيسي في خدمة الأمن والسلم الدوليين يمد يده بالأخوة الى الإخوة وبالصداقة الى الأصدقاء. واليوم تدخل بلادنا طوراً حضارياً جديداً ليس اليوم بل إنها دخلته منذ فترة وهو رؤية 2030 طور الآفاق الجديدة والتغيرات الهامة والتي تتيح التأمل والاستقراء فالتحولات السريعة التي حدثت والتي هي في الواقع ميلاد جديد لزمن أتى شهد الانطلاق والقوة والأمل الشجاع وشهد بناء مجد جديد ونهضة جبارة انتظمت البلاد وكانت إنجازاً باهراً بكل المقاييس.