محمد بن عبدالله السلامة * صدور موافقة مجلس الوزراء على الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للملكية الفكرية، خبر أسعد كل مواطن ومثقف وأكاديمي وجامعي وأصحاب العلامات وأصحاب جميع الحقوق بشكل عام في هذا الوطن، وهذا القرار يمثل أهمية قصوى لدى خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - وما توالي من إصدار مثل هذه القرارت والإسراع في عجلة التطوير والتحديث للأنظمة والتشريعات ينصب في دفع عجلة التطور وبما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية التي وقعتها المملكة ليكون هذا القرار داعماً وسنداً لرؤية التحول الوطني 2030م والتي هدفها الأول المواطن بهدف إسعاده ورفع مستواه الثقافي وحفظ حقوقه وبنفس الوقت مرتكزاً قانونياً صلبا، تحقيقاً لوعود المملكة التي التزمت بها في الاتفاقيات في قطاع (الملكية الفكرية) وفي رفع مستوى الحماية القانونية، وتقديم الخدمة من اختصاصات الملكية الفكرية المتنوعة تحت مظلة الهيئة بعد دمج عدة إدارات حكومية ونقل اختصاصاتها وهي الإدارة العامة لحقوق المؤلف (وزارة الثقافة والإعلام) براءات الاختراع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والعلامات التجارية، وزارة التجارة والاستثمار، وسبق وأن تم عقد ندوة بعنوان (الملكية الفكرية) نحو اقتصاد أفضل بمقر مدينة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بمدينة (ثول) نظمتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ممثلة بمكتب البراءات السعودي بمناسبة احتفال المملكة باليوم العالمي للملكية الفكرية في 26/إبريل من كل عام، وأتمنى أن يأتي هذا التاريخ وقد باشرت الهيئة أعمالها ليكون مناسبة احتفال اليوم العالمي بالملكية الفكرية حفلاً استثنائيا تحت مظلة ورعاية الهيئة الوليدة، ويصادف كذلك إطلاق البرنامج الوطني لرؤية 2030م وتعتبر المملكة إحدى الدول التي تحتفل بهذه المناسبة. وبما أن حماية الملكية الفكرية عنصر مهم من عناصر السياسيات الاقتصادية الوطنية فقد حظر ممثل القطاعات الحكومية ومتحدثون وخبراء في براءة الاختراع والملكية الفكرية من شركات عامية عملاقة تعني بهذ المجال والتقنية الصناعية وبرامج البحث العلمي وقد واكبت هذه الندوة إعلان المملكة عن أضخم خطة تحول اقتصادي في تاريخ المملكة رؤية 2030م لتطوير القطاعات المختلفة ومنها البحث العلمي والابتكار والمنافسة على أعلى المستويات العامية لكي يسهم في دفع عجلة الاقتصاد سواء القطاعات الحكومية أو الخاصة، وبما أن الملكية الفكرية هي إحدى أنواع الملكيات التي تخضع بشكل تام لكل أنواع الحمايات وفق جميع الشرائع والقوانين والاتفاقيات الدولية كما هو معلوم ذلك المفهوم الذي يسمح لمبدع الفكرة أو مالك الحق أو مالك البراءة أو العلامة التجارية بالاستفادة من إنتاجه الفكري أو العلمي أو الأدبي حيث توضح ذلك بجلاء من خلال المادة (27) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويبرز أهمية وإيجابية الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية أثار منها تشجيع وجذب الاستثمارات الخارجية وإبراز أهمية الإجراءت وتطبيق الأنظمة والقوانين والعقوبات الرادعة لحماية المنتج من الاعتداء من السرقة والتزييف والنسخ والقرصنة والحد من انتشار المصنفات المقلدة والمنسوخة، وجوانب مهمة لحماية المستهلك من الغش والتقليد التجاري ومواجهة تحديات التجارة الإلكترونية وتحديات تطور الإنترنت، وإبراز ما لدى المملكة من تشريعات وأنظمة وقوانين وإجراءات رادعة لبث الطمأنينة لحماية حقوق المؤلف وبراءة الاختراع والعلامات التجارية لما لها من أثر على مستقبل وتطور وقيام أية نواة لصناعة تكنولوجية أو برمجيات، وما تبذله الجامعات السعودية وفي مقدمتها جامعة الملك سعود التي تبنت كراسي البحث العلمي، يضاف إلى ما تقوم به مراكز دراسات وبحوث وطنية مرموقة التي تعتني بالابتكار والإبداع للشباب وجلب خبراء متحدثين وإشراك الشباب لخلق بيئة ومنتج وطني. وبما أن العالم اليوم يعيش ثورة تقنية متواصلة وصناعية وثقافية ذات سرعات خيالية وأبعاد غير متناهية يحتاج بذلك إلى الضوابط التي تضمن حماية الجانب التملكي للحماية الفكرية وحقوق الملكية، وأن من يظن أن الحق الفكري هو حق مستباح لكل من أراد استباحته هو إنسان تخلف عن ركب التفكير والحضارة، إن كلا من الإبداع وسرعته ساهم مباشرة في رفع مستوى التقدم العلمي ورفع مستواه وعلى سبيل المثال في الطب لم يكن يتحقق لولا الحمايات المضمونة بالبراءات التي تسمح بتمويل الأبحاث مستندة في آن واحد إلى العائد المكتسب المضمون، كما أن صناعة البرمجيات أو صناعة المواد الإعلامية المرئية والمسموعة من أفلام وخلاف ذلك من الأوعية وكذلك الأجهزة والعلامات التجارية لم تصل إلى هذا التطور على المستوى العالمي لولا الحماية التي اكتسبتها من قوانين حقوق التأليف، ولوائحه التنفيذية الدقيقة، وبالتالي فقد كسب المجتمع الذي أعطى مسألة الحماية أهميتها الكافية عوائد تمثلت بمليارات الدولارات. إن المجتمع الذي لا يفرض الأنظمة ولا يكرس احترام ثقافة الحقوق يتكبد خسائر ثقيلة على المستوى الاقتصادي والتنموي علما أن العرف السائد يؤكد أنه كلما زاد التقدم في التقنية فإن الاعتداء عليها يزداد ولذلك لابد من مواجهة هذا الأمر والتصدي والحد منه لضمان حقوق الآخرين، ولله الحمد استطاعت المملكة تحقيق مستوى متقدم في هذا الأمر للفترة الماضية بل أصبحت من الدول المتقدمة كل ذلك بفضل ما تقوم به القطاعات الحكومية من اتخاز قرارات رادعة ومنها (لجنة النظر في مخالفة نظام حماية حقوق المؤلف) والتي تمثل التفاعل في تطبيق نظام حماية حقوق المؤلف وتطبيق ما ورد في الأمر السامي الكريم بشأن عدم عودة اسم المملكة إلى قائمة (301) هذه الجهود جاءت نتيجة لذلك إن أبقي اسم المملكة خارج قائمة الدول المنتهكة لحقوق الملكية الفكرية منذ عام 2013م واستمرت حالياً مما ينعكس على سمعة المملكة دولياً وأثرها على عدالة المنافسة التجارية في مجال الاقتصاد المعرفي، ونتيجة لما ذكر أعلاه صدر أخيرا عن مركز حماية حقوق الملكية الفكرية التابع لغرفة التجارة الأميركية بأن احتلت السعودية المركز الأول عربيا والواحد والعشرين عالميا في موشر جذور الابتكار (حماية الملكية الفكرية) لعام 2017م، وهذا يؤكد التوجه الدولي والمعاهدات التي التزمت بها المملكة في قطاع الملكية الفكرية بتطبيق الأنظمة والقوانين الرادعة، سواء مايتعلق بحقوق المؤلف لدى وزارة الثقافة والإعلام من خلال لجنة النظر لحقوق المؤلف التي تقوم بإصدار وتطبيق العقوبات والقرارات الرادعة وتغليظ العقوبات المشددة تجاه المخالفين، وماتقوم به مصلحة الجمارك بالمنافذ الجمركية في منع تسرب المنتجات المخالفة للعلامات التجارية وأية مواد مقرصنة، ودور وزارة التجارة بتطبيق الأنظمة والجزاءات الرادعة لحماية المستهلك من المواد التجارية المقلدة والمغشوشة بالتأكد من العلامات التجارية الأصلية. ودور مثل هذه الندوات والملتقيات ترفع من نسبة الوعي الثقاقي للحقوق وتعطي الأطراف المستثمرة الفرصة للتعرف على ما لدى المملكة من أنظمة لحماية الملكية الفكرية ودورها في احترام أصحاب الحقوق بما ينعكس على تحسين مركز المملكة على الخريطة العامية للاقتصاد المعرفي. والمملكة بمكانتها وضخامة اقتصادياتها تمثل إحدى دول مجموعة العشرين وأكبر دولة إقليمية وعربية ونحن نقدم للعالم نموذجا (جامعة الملك عبدالله) مركز إشعاع ومركز بحث كإنموذج يفتخر به كل باحث وعالم ومواطن، وما توقيع العقود للمشروعات البحثية والتطوير التقني مع أقسام الجامعة البحثية الأخير إلا دليلا على ما ذكر وعبور مرحلة مهمة للعبور والاحتفال بمرحلة التطبيقات العملية وتجاوز المرحلة النظرية، وبرنامج التحول الاقتصادي هو الوعاء الحقيقي لما تشهده المملكة من توقيع عقود ضخمة بالمليارات لجلب شركات عملاقة لتقنية المعلومات والشركات المعرفية من قبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية، وهي مرحلة انتقالية هامة لتوطين الاقتصاد المعرفي ولإيجاد وظائف لكوادر وطنية مدربة تقنيا ونقلة مهمة لتنمية الإبداع والابتكار والأفكار لدى جيل من الشباب من أبناء الوطن. ويبقى دور هام جدا ألا وهو الجانب التوعوي (حملة وطنية لتعريف بالوجبات والحقوق لدور الهيئة إعلاميا) تقودها وسائل الإعلام المختلفة مدعومة من الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني، والجامعات ومركز البحث العلمي لكي تحقق الهيئة أهدافها، شكرا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مؤسس المرتكز الثقافي على هذه الموافقة، ولمعالي الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار رئيس مجلس إدارة الهيئة وزملائه واللجان العاملة التي بذلت جهداً جباراً لصدور هذه التنظيمات للهيئة السعودية للملكية الفكرية. وفق الله بلادنا العظيمة.. * المشرف العام على الإعلام الداخلي ورئيس لجنة النظر لنظام حماية حقوق المؤلف سابقاً