الكثير منا لا يعرف أساسيات العلاج بالإنسولين ولا يعرف أهمية وماهية ما يُعرف بالتدفق المستمر للإنسولين والتدفق المتقطع للإنسولين؛ فالأول يسمى الإنسولين القاعدي المستمر والثاني يعرف بإنسولين الوجبات، ولتوضيح الأمر فإنه بالنسبة للشخص غير المصاب بداء السكري يكون الجسم مُعدًا للتحكم في مستويات سكر الدم في نطاق ضيق للغاية، وبالرغم من وجود تقلبات في مستويات سكر الدم طوال النهار والليل، فإن مستويات سكر الدم تتراوح عادةً بين 70 إلى 140 ملجم/ ديسيلتر، وتصل لأعلى مستوياتها بعد الأكل وأقل مستوياتها بعد الصيام أي بعد الامتناع عن الأكل، ويُفرز الأنسولين في الجسم السليم بطريقتين، الإفراز المستمر قليل التدفق والإفراز الأكبر أثناء وبعد تناول الطعام، وذلك ليحافظ الإنسولين التدفقي على مستوى سكر الدم الذي يُفرز من طعامك أو ليحافظ الإنسولين القاعدي المستمر على مستوى السكر الخارج من مخازن الجسم في الخلايا المختلفة، حيث يستخدم بوصفه وقودًا. إذن يجب العلم أنه يتم فرز الأنسولين بهاتين الطريقتين: الأنسولين الأساسي أو ما يسمى بالأنسولين القاعدي والأنسولين التدفقي الذي يكون استجابة لتناول وجبة طعام ويسمى أنسولين الوجبات. إن هذا الفهم الأولي مهم للغاية لكون علاج السكر يتم على هذا الفهم، وأن العلاج بمضخة الإنسولين أو بالحقن المتكرر للإنسولين يعتمد على الفهم. وسنتحدث بشيء من التفصيل عن الإنسولين القاعدي والإنسولين التدفقي الإنسولين القاعدي: يتحكم الإنسولين الأساسي (أو القاعدي) في مستويات سكر الدم بين الوجبات وعلى مدار الليل، ويعمل بشكلٍ أساسي للمساعدة في تنظيم كمية سكر الدم التي تُفرز في مخازن الكبد (حيث يخزن بوصفه جليكوجين)، تُعد عملية إفراز سكر الدم من الكبد بين الوجبات جوهرية لتوفير الطاقة، حيث يمكن لخلايا الجسم أن تقوم بوظائفها. وبدون إنسولين أساسي أو قاعدي، سيفرز الكبد كمية كبيرة من الجلوكوز في مجرى الدم لن تتمكن خلايا الجسم من استخدامه للتزود بالطاقة، وهذا قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات سكر الدم بنسبة كبيرة. إضافة إلى ذلك، فإنه بدون إنسولين أساسي سيبدأ الكبد في إنتاج أجسام كيتونية حامضية من تفتت الدهون شأنها شأن السكر، يمكن قياس هذه الأجسام الكيتونية في الدم والبول. ونظرًا لأن الكيتونات تبنى في مجرى الدم، فهناك خطر التعرض لمضاعفة الحُماض الكيتوني السكري (المعروف كذلك بDKA ). وهذه قد تكون حالة في منتهى الخطورة. الأنسولين التدفقي: ويفرز استجابة لتناول وجبة طعام ويسمى إنسولين الوجبات، ويفرز عند تناول الوجبات، ونظرًا لأن مستويات سكر الدم ترتفع بعد الوجبات، فإن البنكرياس يستجيب بزيادة كبيرة في إفراز الإنسولين، حيث يمكن استخدام سكر الدم بواسطة خلايا الجسم، وفي جسم الإنسان الذي لا يعاني من السكري، تكون نسبة هذه التدفقات دقيقة للغاية أي أن تناول المزيد من الطعام سيُفرز المزيد من الإنسولين، تناول طعام أقل سيفرز إنسولين أقل. ومع الإصابة بداء السكري (دائمًا في النوع الأول وأحيانًا في النوع الثاني)، يفقد الجسم القدرة على إفراز الإنسولين. ومنذ اكتشاف الإنسولين، تطورت بدائل العلاج بالإنسولين عبر نظام العلاج الحديث المتوفر حاليًا. وقد لجأ النظام القديم لاستخدام نهجٍ ثابتٍ لبدائل العلاج بالإنسولين (بالرغم من أنه لا يزال يستخدم حتى الآن)، وبالرغم من أنك لا تأخذ سوى حقنة أو ثلاث حقن يوميًا، إلا أنه ينبغي عليك أخذ الحقن في أوقات محددة وبكميات محددة، وينبغي عليك تناول نفس كمية الطعام كل يوم، وينبغي عليك ممارسة التمارين يوميًا في الوقت نفسه. وباستخدام هذه الطريقة القديمة، كان من الصعب للغاية الحفاظ على مستوى سكر الدم في النطاق المستهدف، ولم تكن هناك مرونة في الحياة، ففي الأساس، كان ينبغي أن تُكيف حياتك وفقًا لحمية السكري، فقد كانت حمية السكري يتحكم فيك. وتتمثل الطريقة الأحدث في علاج السكري في استخدام الحميات المرنة: نظام الحقن اليومية المتعددة (MDI) أو العلاج بمضخة الإنسولين. وتُحاكي هذه الأنظمةُ المرنةُ الحديثةُ الطريقةَ التي عادةً ما يُنتِج بها البنكرياس، ويُفرَز الإنسولين، ويحاكي نظام MDI الإنسولين الأساسي وإنسولين الوجبات، ويُمكنك من توصيل الإنسولين في جرعات ليتوافق مع طعامك ويمنحك المرونة في الكمية التي تتناولها ووقت التناول. ويمكنك أن تصبح نشطًا وقتما شئت، ومن خلال مضخة الإنسولين يمكنك خفض الإنسولين القاعدي من أجل تجنب نقص سكر الدم. إضافة إلى ذلك، يمكنك النوم وقتما شئت، والاستيقاظ لوقت متأخر والسفر حول العالم مع مرونة التغيير من يوم لآخر. كيفية الانتقال من استخدام الحقن المتكررة إلى العلاج باستخدام مضخات الإنسولين. غالبًا ما تتلقى العلاج بنظام الحقن اليومية المتعددة من الإنسولين يوميًا، ربما حقنتان أو ثلاث (وربما تستخدم إنسولين متجانس أي إنسولين مخلوط) – إلا أنك على الأرجح تخضع لنظام العلاج MDI. ومع نظام MDI، تستخدم إنسولين سريع المفعول، وإنسولين طويل المفعول، أو إنسولين قاعدي، ولكل نوع من نوعي الإنسولين المختلفين وظيفة مختلفة، إلا أن كليهما يعمل على الحفاظ على مستوى سكر الدم في النطاق المستهدف. ويُعطى الإنسولين القاعدي على شكل حقنة أو حقنتين يوميًا، ويَنشط ببطء بعد الحقن، وهذا يعني أنه دائمًا ستكون هناك كمية من الإنسولين في الدم، يمكن للدم بعد ذلك جلب الإنسولين إلى الخلايا في جميع أنحاء الجسم، ويمكن للجلوكوز حينها الدخول إلى الخلايا، حيث يتحول إلى طاقة، وفي الكبد يساعد الإنسولين على تنظيم الإفراز البطيء للجلوكوز المخزن وذلك لتلبية احتياجات الطاقة اللازمة من قِبل خلايا الجسم بين الوجبات وفي أثناء الليل. ويعطى إنسولين الوجبات بوصفه إنسولين سريع المفعول، ويَنشط بشكلٍ أسرع بعد الحقن، ويجلب الكمية الكبيرة من سكر الدم الناتجة من وجباتك إلى خلايا الجسم. وعندئذ يمكن استخدام سكر الدم على الفور للقيام بنشاط يتطلب طاقة أو يخزن للاستخدام لاحقًا. ويمكن كذلك استخدام إنسولين الوجبات سريع المفعول لتخفيض مستوى سكر الدم المرتفع، ويُطلق على هذه الجرعات اسم "جرعات التصحيح". ويكمن الفارق بين مضخة الإنسولين ونظام الحقن اليومي المتعدد (MDI) في أن مضخة الإنسولين تستخدم فقط الإنسولين سريع المفعول للقيام بالمهمتين، فالمعدلات القاعدية على المضخة تستبدل حقن الإنسولين القاعدي في نظام MDI، وتحل جرعات إنسولين الوجبات التي تعطى في وقت الوجبات وللتصحيح محل الحقن التي تؤخذ وقت الوجبة وحقن التصحيح.