هطلت في السنوات الأخيرة أمطار غزيرة على بعض مناطق المملكة تسببت في خسائر بشرية ومادية في عدد من المدن والقرى للمواطنين، ويعود جزء كبير من هذه الخسائر إلى البناء في المجرى الطبيعي للسيول مما يؤدي إلى ضيق مجرى السيل الطبيعي أو انغلاقه تماما، وعند عودة الأمطار إلى غزارتها وتدفق السيول بكميات كبيرة تجتاح ما في طريقها من بيوت ومزارع وأراضٍ مما يؤدي إلى هذه الخسائر. حول خطورة البناء في مجرى الأودية والسيول نورد قصة شعبية قديمة حدثت بين شاعرين شعبيين من بلاد رجال الحجر الواقعة شمال منطقة عسير، وتدور هذه القصة أن الشاعر الشعبي رافع بن عبدالله الدحيمي اشترى مزرعة في مركز خاط التابع لمحافظة المجاردة وتوسع في طريق السيل وبنى بيته فيها، لكن جاءت أمطار غزيرة فيما بعد جرفت جزءا كبيرا من مزرعته وبيته وتكبد خسائر مادية كبيرة، وكان من العادة أن من حوله يقومون بمساعدة من يحصل عليه ضرر نتيجة هدم مزارع أو بيوت من الأمطار، لكن استقر رأيهم على أن لا يساعدوه لأنه بنى في طريق السيل وعليه أن يتحمل نتيجة تصرفه. وعندما وصل الخبر إلى الشاعر الدحيمي بقرارهم عدم مساعدته، أنشد بيتا يستخدم في فن "اللعب" وهو أحد الفنون الفلكلورية في المنطقة يقول فيه: كان في مضى يحني الرفيق على رفيقه اما ذا اليوم ملا فهرة واشد منها ومعنى "يحني" أي يعطف ويشفق على أخيه، أما في العصر الحالي فلا يجد الشخص إلا "فهرة" وهي قطعة من حجر عند طلب المساعدة. وعندما وصل هذا البيت إلى الشاعر عبدالله العبيدي رحمه الله من جماعته في محافظة النماص رد عليه ببيت مماثل يدافع عن القرار بعدم مساعدته حيث يقول: كم نصحناك لا تعرض لسيلٍ في طريقه كيف تسكن ديار والهلالي شد منها ويقصد الشاعر أنهم نصحوه بعدم البناء في طريق السيل، السيل الطبيعي لابد أن يفتح حتى ولو بقوة السيول، ثم عاتبه في الشطر الثاني من البيت ببنائه وسكنه في أماكن الأودية، وهذه الأماكن رحل منها منهم أشد منا وهم بنو هلال المشهورين قديما في الجزيرة بقوتهم وجبروتهم، ومن هنا سار البيتان بمثابة قصة توعوية بين الناس في المنطقة للتحذير من مخاطر البناء في الأودية ومجرى السيول.