أصبح إلقاء اللوم على الإعلام الرياضي في الكثير من القضايا الرياضية وتحديداً في كرة القدم أمراً شائعاً ومألوفاً في ظل الحضور القوي للإعلام وتأثيره على القرارات سواء على صعيد الأندية أو حتى المنتخبات واتحاد كرة القدم والحكام، ومع ازدياد المنابر الإعلامية وظهور مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الآراء الإعلامية منتشرة بشكل كبير جداً خصوصاً تلك التي تثير جدلاً في أوساط الجماهير والمتابعين، ولكن التهريج والمحسوبيات والمجاملات، وتبني المواقف اصبح سيد الموقف ونادراً ما يكون الحوار الإعلامي الرياضي متفقاً والرؤية التي يتطلع إليها الجميع. "الرياض" ومن خلال سلسلة الملفات الرياضية التي تفتحها بشكل أسبوعي تتناول اليوم ملف الإعلام الرياضي ودوره في تطوير الرياضة من خلال النقد بعد أن أصبحت الاتهامات موجهة للكثير من المنتمين له بأنهم يضعون انتماءاتهم نصب أعينهم عند تقديم آراءهم وأطروحاتهم.. البدر: تمادوا بسبب غياب الرادع يقول في البداية الدكتور صالح ناصر الحمادي: "الإعلام الرياضي في غيبوبة الألوان والانتماء للأندية على حساب المصداقية والموضوعية في الطرح، أصبحنا غارقين بالتعصب النتن الذي يمكن تشبيهه بالجاهلية، وهذا مؤسف والأسباب كثيرة لكن من المهم القول: إن على القنوات الرياضية والتي تخصص ساعات طويلة أن تظهر أهل الفكر النيّر، للأسف هذه القنوات هي من تنتقي هذه العينة وأقصد المتعصبين الذين يتم انتقاؤهم بعناية فائقة ويتم تسويق البرامج الرياضية من خلالهم وهم بالنسبة للقنوات أفضل بكثير من أولئك الذي يقدمون آراء واقعية الصقري: ألف رئيس تحرير وناقد دهوروا المهنة ويقدمون الفائدة للمتابع ويتحدثون بموضوعية وبعيداً عن تأجيج الوسط الرياضي ومحاولات إقصاء بعض الشخصيات المميزة، مثلما شاهدنا في في الحملات الإعلامية الموجهة ضد الشخصيات المميزة والمثالية التي تعمل في المنظومة الرياضية بفعل حملات الإعلام الملون وهو ما يُعين أهل الميول على الاستمرار في توجيه حملات الضغط على أي جهة طالما وجدوا تجاوباً مع هذه الضغوطات، إذ تتسع هوة إعلام الأندية على القنوات الرياضية التي عادة ما تبرزهم وتقدمهم للمشاهد". الحمَادي: إعلامنا دخل غيبوبة الميول ويؤكد الحمادي أن العلاج يكمن بالمنع ويقول: " العلاج هو أن يتم وضع قائمة سوداء بأسماء المحسوبين على الإعلام الرياضي وهذا ما سيؤدي إلى حماية قنواتنا الرياضية من التسطيح والتهريج الذي نشاهده في الفضاء حتى أصبح الإعلام الرياضي جزءاً من القضايا الرياضية، والمؤسف أن هذا لن يحدث في ظل إبراز هذه الأصوات وعدم التركيز على أولئك الذين يثرون البرامج بالرأي والفكر البعيد عن تشويه جماليات الرياضة وأخلاقيات العمل الإعلامي". متعصبون يبحثون عن الشهرة قال الاعلامي الرياضي منصور البدر: "لا نختلف بأن الإعلام الرياضي تحول إلى اعلام أندية، فالميول يطغى على المقالات والآراء في البرامج التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، مع ذلك لا يمكن أن نعمم على الجميع، وفي حديثي لا أقصد أحداً بعينه، ظاهرة تحول الإعلاميين إلى محاميين للأندية واضحة جداً، والميول بات يتغلب على المهنية عند البعض، هذا لا يقتصر على الإعلاميين، بل حتى في بعض اللجان هنالك منتمون لها ميولهم معروفة وتغريداتهم في تويتر على سبيل المثال تشهد على تعصبهم الذي لا يقل عن تعصب الإعلاميين، ظاهرة التعصب للأندية موجودة، ولا ابرر للاعلاميين هذا التعصب لكن جميع المنظومات الأخرى يتحكم فيها الميول أو يتتدخل في تحديد أولوياتهم ويتأثرون بالميول في نقاشاتهم". وأضاف "كل إعلامي له ميول، لكن ان ظهر الميول في عمله وهو النقد الهادف والبناء والحيادي هنا نقول بأنه تجاوز في الميول إلى الاخلال بأمانة المسؤولية، وهذا الكلام يندرج على اصحاب القرار في اللجان أو أي من أطراف اللعبة كالحكام، ظاهرة اعلام الأندية موجودة منذ السبعينيات، كانت هناك صحف معروفة بميولها لنادٍ معين، ولا يتولى ادارة قسمها الرياضي إلا اعلامي من ذات الميول، ويعتبر ذلك من سياسات المؤسسات الصحفية ورؤساء التحرير، يحرصون على نادٍ بعينه لأهداف تسويقية اعلانية أو غيره، الآن في الاعلام الجديد اصبحوا يبحثون عن الشهرة، وهنالك من الاعلاميين من يظهر شجاعته ويفرد عضلاته للدفاع عن ناديه وان كان على خطأ بحثاً عن الشهرة وما إلى ذلك، الإعلام الجديد خدم بعض الإعلاميين فمن خلال حسابه في موقع التواصل الاجتماعي يطرح مايريد بدون الحاجة للظهور التلفزيوني، الميول يجب الا يتجاوز الحد المعقول، لابد من احترام الطرف الآخر، وفي الأونة الأخيرة هذا الشي بدأ يتلاشى، اذ لا يوجد تقدير او احترام للآراء المخالفة، وكل مانراه حرب من أجل الميول وهذا لا يندرج تحت التنافس الشريف، خير دليل على حديثي هو ماحدث في مباراة الكلاسيكو بين الاتحاد والهلال إذ شاهدنا ما افرزه التعصب الأعمى داخل الملعب من خروج غير مألوف عن الروح الرياضية من بعض اللاعبين والجماهير، فلا اتذكر أن وقعت أحداثاً مؤسفة مثلما حدث من بطاقات ملونة واشتباكات ورمي بالعلب والأحذية، رغم ذلك اختلف عليها بعض الاعلاميين فهناك من يراها قاسية ضد الهلال وهنالك العكس، وكل طرف يدافع عن ناديه سواءً كان معه الحق او لا، هذه هي إفرازات المبالغة في التعصب للأندية". واستطرد "للأسف إن الامور تسير للمزيد من السوء، لا يوجد لدينا ردع لمثل هذا الخروج عن أسس وأطر التنافس الشريف، بإمكان القنوات التلفزيونية الرياضية السيطرة على الانفلات الذي نراه، من خلال حسن اختيار الضيوف والمذيع الذي يحاورهم، وأكرر بأنني لا أقصد أحداً من الزملاء بعينه، المشكلة تكمن في مواقع التواصل الاجتماعي، لأن الرقيب فيها ذاتي، وعلى الشخص ان غاب مقص الرقيب أن يكون رقيب نفسه، لأن كل مايكتبه محسوب عليه، ستمضي الأيام والعمر، وأجزم بأن من نراهم يتبادلون السب والشتم من اجل الأندية سيأتي يوم يندمون فيه اشد الندم، وان كان بعض المتعصبين من كبار السن، لكن متفائل خيراً بأن القادم أفضل". أضربوا بيد من حديد بدوره أكد نائب مدير تحرير الشؤون الرياضية بالزميلة اليوم والناقد الرياضي في قناة «mbcprosport» الزميل بدر الصقري أن الإعلام الرياضي وصل إلى حال يرثى لها إلا ماندر من العقلاء والواقعيين من أصحاب الطرح الهادف والمتزن، مشددا على أن الإعلام الرياضي بمكوناته وأركانه كافة يمر بمرحلة حرجة تحتاج إلى مشرط جراح حاذق يجتث بمشرطه كل من شوه الإعلام وأساء إليه عبر أطروحاته الهابطة وخروجه الدائم عن النص، كما أننا كأبناء مهنة وزملاء وسط نحتاج إلى يد حديدية من قبل المسؤولين تضرب هذا الوسط بكل قوة لتميز الصالح من الطالح فيه، وتمنح الأول حقه المكتسب بتواجده كسلطة رابعة هادفة وفي الوقت ذاته تنبذ الآخر وتقتلع جذوره من هذا الوسط الذي ابتلي فيه. وشدد الصقري على أن الوسط بات مقززاً ومخجلاً وطارداً، ففي الوقت الذي كان فيه الإعلام الرياضي السعودي مضرب مثل أمام الأوساط الخليجية والعربية، بات الآن محلاً للسخرية والتندر، ولنا فيما نشاهده صباح مساء في القنوات الرياضية ومواقع التواصل الاجتماعي ما يغني عن الكثير من الأدلة والشواهد. وختم الصقري حديثه قائلاً: «يوجد لدينا أكثر من ألف رئيس تحرير وناقد وكاتب وهذا مدعاة للسخرية والشفقة معاً وهذا لا يحدث إلا في العالم الثالث المتأخر، فالوسط الإعلامي بات مرتعاً خصباً لكل من هب ودب، بدليل من يدلف أبوابه كل يوم ويقدم لنا على أنه ناقد أو كاتب أو رئيس تحرير لصحيفة إلكترونية، بحت أصواتنا ونحن نناشد من يعنيه الأمر بالتدخل وردع المتجاوزين وطرد العابثين والمارقين من الأبواب الخلفية ولكن دون مجيب والكرة في ملعب المسؤول للضرب بيد من حديد قبل أن تستفحل الأمور ويحدث ما لا تحمد عقباه». منصور البدر د. صالح الحمادي