من المظاهر والعادات الجميلة التي تسود في مجتمعنا الحرص على زيارة المريض في المستشفيات سواء كان هذا المريض أحد الأقارب أو من الأصدقاء والمعارف، وهذه العادة واجب يمليه علينا ديننا الاسلامي الحنيف الذي يحث على زيارة المريض، كما أنها من العادات المتوارثة التي تساهم في تخفيف الوحدة عن المريض، وتساهم في رفع معنوياته، إلاّ أن هذه العادة يسودها كثير من التصرفات السلبية، مما يؤثر سلباً على المريض وعلى بيئة المستشفيات. إزعاج المريض حول هذه العادة المتمثلة في زيارة المرضى قال د.علي الجحني -وكيل جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية-: إن مجتمعنا المسلم مجتمع مترابط وودود يسارع فيه الجميع إلى زيارة المرضى بمجرد السماع بدخول أحد المعارف للمستشفى للاطمئنان عليه، وأداء الواجب الإجتماعي، لكن هناك ممارسات خاطئة قد تسبب إزعاجاً للمريض نفسه أو مرافقه أو أقاربه، ومن هنا فلابد من فقه وتبصر بالقواعد التي يتعين علينا اتباعها لجعل الزيارة مقبولة، وتتم بأسلوب مهذب وراق دون حدوث مضايقات وإيذاء لمشاعر المريض أو زملائه المرضي الآخرين. وعن أهم الارشادات اللازمة عند زيارة المريض أشار إلى اتخاذ عدة إجراءات في مقدمتها الاتصال مسبقاً للتأكد من أن الزيارة مسموح بها، وأن حالة المريض الصحية تسمح بالزيارة، كما أن هناك ملاحظة أخرى لا نوليها الاهتمام المناسب وهي الجانب المعنوي النفسي للمريض، بحيث يقول الزائر كلاماً يرفع به معنويات المريض، وأنه سيشفى -إن شاءالله- من هذا المرض، وكذلك تجنب ثقافة التيئيس والاحباط والصدمات النفسية، فأحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على المسلم. مظاهر سلبية وأوضح د.صالح أبو عراد أن الجميع يعرف أن زيارة المريض أحد حقوق المسلم على إخوانه المسلمين انطلاقًا من الحديث النبوي الشريف الذي صحَّ عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حق المسلم على المسلم ستٌ ذكر منها وإذا مرض فعده"، فهي باب من أبواب كسب الأجر والثواب العظيم، وبالتالي فزيارة المريض سنة نبوية تؤلفُ القلوب، وتُخفف الآلام والأوجاع عن المريض، وتُسهم في تآلف الأنفس، وتعمل على مد جسور المحبة، ونشر كثيرٍ من معاني التعاطف والمواساة، وتقوية الروابط بين الأهل والإخوان والأقارب والجيران والأصدقاء، وغيرهم من أبناء المجتمع. وحول التصرفات والعادات التي طغت على زيارة المريض فأفقدتها مقاصدها بيّن أن زيارة المريض بمعانيها الكريمة السامية قد تعرضت في وقتنا مع الأسف إلى ما يشوّه جمالها في كثيرٍ من الأماكن؛ إذ إن مما يؤسف له أن نراها وقد تحولت إلى ظاهرةٍ سلبيةٍ مؤسفة، تبرز ملامحُها السلبية في بعض المستشفيات الحكومية والأهلية منذ فترةٍ ليست بالقصيرة، ومن فئةٍ من أبناء المجتمع الذين أخذوا يقومون بها مصحوبةً ببعض التصرفات الخاطئة التي يُمارسونها بكل عفويةٍ وسذاجة، بل إنهم ربما لا يجدون فيها شيئاً من الحرج أو المُخالفة لما ينبغي أن يكون عليه الحال. تجمهر وفوضى وأكد د.أبو عراد على أن ظواهر الزيارة السلبية تتمثل في بعض المناظر المؤسفة والتصرفات غير المسؤولة التي تشتكي منها كثيرٌ من المستشفيات حينما يقوم بعض الزوار فيها بتبادل أدوار البطولة المؤسف، وهم يُمارسون العديد من السلوكيات الخاطئة متذرعين بأنهم يقومون بزيارة أقاربهم ومعارفهم وأصدقائهم المرضى في تلك المستشفيات، وعلى هذا الأساس فليس غريباً أبداً أن نرى البعض منهم يتجمهرون أمام بوابات المستشفيات وممراتها بشكلٍ فوضويٍ لافتٍ للنظر دونما سببٍ يدعو إلى ذلك، وبخاصةٍ عندما يحاول البعض منهم تسريب بعض المأكولات أو المشروبات ونحوها للمرضى مع علمهم المُسبق بمخالفة ذلك للأنظمة والتعليمات ومصلحة المريض. افتراش الحدائق وذكر د.أبو عراد أن من الظواهر المؤسفة عند زيارة المرضى في المستشفيات أن نرى من الزائرين من يفترشون الحدائق والمُسطحات الخضراء ومواقف السيارات بشكلٍ فوضويٍ وفي مجاميع كبيرةٍ أو صغيرة، يودعون فيها ويستقبلون، وليس بمُستغربٍ أبداً أن نجد من هؤلاء من يتجمعون أمام المداخل والممرات لتناول أصناف الطعام والشراب في ردهات المستشفى بشكلٍ عشوائيٍ وغير مقبول، بل إن العجب يزداد حينما نجد البعض وقد اصطحب أعداداً من أفراد أهله والأبناء، ولاسيما الصغار منهم في زيارته للمرضى، وكأنه خارجٌ بهم في نزهةٍ. وعن توجيهه لمن يقومون بزيارة المرضى قال: لابد أن يكون هدف الزوار من زياراتهم السلام على المريض والاطمئنان على صحته والدعاء له بالشفاء وطمأنته أنه إلى خير -إن شاء الله-، كما يجب أن يعلم الزوار أن من الأفضل أن تكون الزيارة قصيرة ومختصرة حتى لا نتعب المريض، ولكي يجد متسعاً من الوقت للراحة ومتابعة حالته من الأطباء والممرضين وأخذ العلاج في وقته دون انشغال بزائريه. التقيد بالتعليمات ورأى محمد الشهري أن من الواجب على زوار المرضى في المستشفيات أن يراعوا آداب الزيارة العامة، إضافةً إلى تعليمات المستشفى فيتقيدوا بالمواعيد في الزيارة، وأن يخرجوا إذا ما طلب منهم الخروج لانتهاء وقت الزيارة أو مراعاة لوضع المريض ومواعيده للحصول على العلاج، كما يجب عدم اصطحاب الاطفال حتى لا ينزعج المريض أو المرضى الآخرون، إضافةً إلى عدم الدخول بالأطعمة، كون المريض له طعام خاص يحدد في المستشفى، مضيفاً أنه عند الجلوس إلى المريض يجب أن يكون الزائر بشوشاً ومطمئناً للمريض بعبارات مشجعة تخفف عنه المرض، وأن يدعو له بالشفاء العاجل مع طمأنته أنه في تحسن، وأن ليس هناك ما يدعو للقلق -بإذن الله. تأثيرات نفسية وعن السلبيات التي ينصح الزائر بتجنبها أوضح حسن اللامي –مرشد نفسي– أن من بين أسوأ ما يقوم به بعض الزائرين للمرضى هو التخويف والتيئيس من الشفاء، فلها تأثيرات نفسية كبيرة على المريض، ولعل الكثير شاهد مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي لشخص يهدي مريضا صندوقا مغلفا وعندما فتحه وجد فيه كفنا، أو أن يقول الزائر: "إن مرضك خطير، وهذا المرض هو الذي مات منه فلان"، فمثل هذه الأقوال والتصرفات تدخل الخوف واليأس في قلب المريض، وربما تنعكس على حالته الصحية سلباً، لهذا يجب إدخال الفرح والسرور على المريض بملاطفته وتشجيعه وذِكر أن المرض بسيط وأنه في تحسن، إلى غير ذلك من العبارات. د.علي الجحني د.صالح أبو عراد حسن اللامي يحتاج المريض إلى من يرفع معنوياته في فترة العلاج