لا يخفى على عاقل أهمية الدور الذي يلعبه الاقتصاد في المجتمعات الحديثة، وفي تدعيم قوة الدولة والمحافظة على استقرارها، وضمان الاستقرار السياسي للمجتمعات، وترسيخ سيادة الدولة، ولنا عبرة في دول تحتل مكانتها في العالم حجمها الجغرافي وتعداد سكانها نظراً لقوة اقتصادها واتساع مواردها المالية - سنغافورة وتايوان أنموذجاً - وبات جلياً أن الاقتصاد يأتي في طليعة اهتمام المفكرين والساسة في العالم المتمدن. تحت ظل هذه الرؤية تندرج زيارة خادم الحرمين الملك سلمان. ملك المملكة العربية السعودية لدولٍ سبع أشار إليها البيان الصادر عن الديوان الملكي السعودي وهي ماليزيا، وإندونيسيا، وسلطنة بروناي، واليابان، والصين، والمالديف، بالإضافة إلى الأردن لحضور اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الثامنة والعشرين، وأضاف البيان أن الزيارة تهدف إلى "تعزيز وتطوير علاقات المملكة في المجالات كافة مع الدول الشقيقة والصديقة" إذاً، من الحكمة تعزيز العلاقات مع الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم وهو ما دأبت عليه المملكة، (اذهب شرقاً.. واحتفظ بأصدقائك الغربيين) في إطار متوازن يحفظ هيبة وسيادة المملكة، ويعزز مكانتها الاقتصادية العالمية على أسس ثابتة لا تميد عمادها (اقتصاد إسلامي) منفتح يواكب تطورات العصر. وإذا ما تلمسنا بعض ما بدا لنا من إيجابيات هذه الزيارة نذّكر بأن المملكة وافقت على استثمار 45 مليار دولار في صندوق استثمار بقطاع التكنولوجيا مع مجموعة (سوفت بنك) اليابانية، ووقعت المملكة في 15 أغسطس/آب اتفاقيات مبدئية مع الصين غطت مجالات مختلفة تشمل بناء مساكن في السعودية ومشروعات للمياه وتخزين النفط، وذلك خلال زيارة قام بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الصين، ولا يمكن تجاهل خطط السعودية في عزمها بيع حصة من عملاق النفط شركة أرامكو تبلغ 5% خلال عام 2018م في طرح عام أولي من المتوقع أن يكون الأكبر في العالم، وستكون بنوك مرتبطة بالصين من بين من يقدم المشورة لهذا الطرح الضخم، وسيتم في إندونيسيا توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية ستتركز في قطاعي النفط والغاز، وفي ماليزيا سيجري توقيع عدد من الاتفاقيات أبرزها بين عملاقي النفط السعودي والماليزي (أرامكو وبتروناس)، إضافة إلى فرص استثمارية سعودية في ماليزيا قد تصل إلى 25 مليار دولار. وإن تركنا الجانب الاقتصادي للاقتصاديين وهو الجانب الأبرز والمعلن من الزيارة، لا يمكن تجاهل الأهمية البالغة للزيارة في مجال التعاون في مكافحة الإرهاب والتنسيق المشترك لمواجهة تغيرات العصر والعمل على أن تشكل هذه الدول - ولا سيما الإسلامية منها - عمقاً إستراتيجياً للمملكة التي تحتل مركز المحور للدول الإسلامية المعتدلة الساعية لرسم سياسة دولية تقوم على التعاون المشترك واحترام مبدأ سيادة الدول في ظل عالم مضطرب. ويشير البعض إلى أن من أوجه الزيارة قطع الطريق على جارة العرب اللدودة التي تنتهج سياسة عدوانية معلنة وخفية تجاه المملكة ودول المنطقة قوامها نشر مذهب معين وتصدير ما يسمى (بالثورة) وهي سياسات باتت جلية لا تخفى على عين تنتهجها هذه الدولة وتسوّق لها في دول أسيوية عدة تشملها الزيارة. عمل دؤوب لرجل لا يكل ولا يمل وهو الذي نذر نفسه لخدمة دينه وبلده في مهمة هو أهل لها وهو الذي فاز بصفة (الحزم والعزم) ولشد ما أعجبني تعليق أحد المسنين وهو ينصت لتقرير تلفزيوني عن الزيارة ذُكر فيه أن الملك سيزور سبع دول، حين قال: (السبع يزور السبع) ونحن نقول: وإذا كانتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ