سوزان كين، فتاةٌ انطوائيةٌ من أسرة انطوائية، تنتمي إلى ذلك الطراز الذي لا يحب الأجواء الاجتماعية الصاخبة، والذي يجد نفسه في أفضل أحواله حين يمارس نشاطه بشكل منفرد، يستمتع بالعزلة، وينجز أعماله بشكل أفضل حين يكون منفرداً، ويفكر جيداً قبل أن يتكلم، ويمقت النزاعات والصخب والمقاطعات. عانت سوزان كثيراً في حياتها من العالم الذي صممت منشآته بطريقةٍ لا تناسبها ولا تناسب أمثالها من الانطوائيين الذين يشكلون ثلث البشر تقريباً، فقامت بتأليف كتابها "الهدوء.. قوة الانطوائيين في عالم لا يكف عن الكلام"، بعد بحث طويل وتفكير عميق في شأن الانطوائيين، الطراز المظلوم من البشر. الكثير من المؤسسات المهمة مصممةٌ للانبساطيين، الطراز المحظوظ من الناس، فمقاعد الصفوف في المدارس ترصّ بطريقة تساعد على التعلم الجماعي، وتصميم الكثير من بيئات العمل غير ملائم للانطوائيين، فهي عبارة عن مكاتب مفتوحة على بعضها، دون جدران ولا عوازل، كما أن المهارات الاجتماعية تعد من أكبر مؤهلات العمل، وتقدّم حتى على المهارات الفنية في أحيان كثيرة، وعلى المرء لكي ينجح في العمل أن يكون انبساطياً، جريئاً، وربما استعراضياً، حتى المؤلفون الذين كانوا يعتبرون ميالين للعزلة، يجري فحصهم من قبل وكالات الدعاية للتأكد من جاهزيتهم لبرنامج حواري!. في هذا الكتاب الذي يحتوي 400 صفحة من الحجم الكبير، تدرس المؤلفةُ نقاط القوة لدى الشخصية الانطوائية، وعن الفائدة التي يجنيها العالم من وجود الانطوائيين، الذين بوسعهم قيادة التغيير، وأوردت المؤلفة كثيراً من الدراسات التي تظهر نتائج غير متوقعة، مثل: عدم فاعلية تقنية العصف الذهني، وإمكانية قتل التعاون للإبداع في حالات محددة، وثمة الكثير مما يثير الاهتمام حول المزاج وارتباط الجينات، وعن فجوة التواصل بين الانطوائيين وغيرهم.