لا يزال الناس في تساؤل وتطلّع دائم حول كل ما هو جديد من أجهزة وأدوية وعمليات قد تساعد في علاج السكري، ولا يزال مرضى السكري خصوصاً أشد الناس سعياً وبحثاً عن ذلك العلاج الذي سوف يمحو أثر وخزات إبر الأنسولين، أو إبر التحاليل اليومية، العلاج الذي سيزيل القيود عن الأطفال في تناول الحلوى والشوكولاتة، العلاج الذي سيعيد للجسم حالة التوازن الطبيعية، ففي كل مرة يأتي إلى العيادة مريض سكر، يبدأ بالسؤال عن الجديد في علاج السكري، مثل العلاج بالخلايا الجذعية، أو بعض الأدوية والأعشاب وما إلى ذلك وفي حقيقة الأمر لا تزال الأبحاث والدراسات قائمة بحثاً عن طرق علاجية أفضل لعلاج السكر والحد من مضاعفاته، من جانب آخر وبعيداً عن الدراسات والتجارب لا يخفى على الجميع أن علاج السكري يعتمد على اتباع أربع خطوات يسيرة في متناول الجميع العمل بها وهي؛ الالتزام بتناول الأدوية أو جرعات الأنسولين في الوقت وبالكمية المحددة، الالتزام بتناول وجبات صحية متكاملة، ممارسة الرياضة، والأخير والأهم المواظبة على التحليل اليومي لمستوى السكر في الدم. وللأسف لا يزال تحليل السكر اليومي في المنزل عائقاً كبيراً لدى مرضى السكري، بيد أن حجر الأساس لعلاج السكر والوقاية من مضاعفاته هو الالتزام بالتحاليل المنزلية اليومية لقياس مستوى السكر في الدم، فكلما زادت مرات التحليل اليومي أدى ذلك لضبط مستوى السكر في الدم خاصة مع استخدام الأنسولين أو الأدوية المخفضة للسكر. والمعروف أن السبب وراء عزوف الكثير عن الاستمرار والالتزام بإجراء التحاليل اليومية هو الشعور بالضجر والألم من كثرة الوخز، ومن هنا كان دافع الشركات والمصانع الطبية في البحث عن حلول أفضل وأكثر جدوى وفعالية لرفع المعاناة عن المريض، ومن أحدث التقنيات جهاز (فري ستايل لبري)، المُصنع بواسطة شركة أبوت وهو أحد الأجهزة منخفضة التكلفة نوعاً ما، والجهاز عبارة عن قرص دائري يحتوي على حساس يوضع تحت الجلد يعمل على تحليل السكر عن طريق السائل بين الخلايا المعروف ب (السائل الخلالي) لا عن طريق الدم، حيث يقوم المريض بقراءة تحاليل السكر عن طريق المسح دون الحاجة للوخز بالإبر، ويوفر الجهاز عدد من الخصائص المميزة والتي تشكل فارقاً إيجابياً عند المريض، فبالإضافة إلى عدم حاجة المريض للإبر والوخز المستمر، فقد يستطيع المريض المسح وقراءة التحاليل من خلال الملابس، ولا يتأثر الجهاز بممارسة الرياضة، السباحة، أو الاستحمام حيث أنه مصمم خصيصاً لمقاومة الماء، وعلى الرغم من هذه المميزات إلا أن (فري ستايل لبري) غير قادر على تنبيه المريض في حال حدوث انخفاض أو ارتفاع في سكر الدم، لذلك من الواجب على المريض الاستمرار في المسح وقراءة النتائج في أوقات معلومة، وفقاً لإرشادات الطبيب. ومن الوسائل الحديثة التي ستساهم في تقليل الشعور بالألم من وخزات إبر الأنسولين هو ال (اي- بورت) وهو عبارة عن منفذ دائري يوضع في أماكن حقن الأنسولين على الجلد (مثل اليدين، البطن، أو الفخذ) حيث يحقن المريض جرعة الأنسولين في هذا المنفذ عوضاً عن الحقن في الجلد مباشرة ما يقلل من تسرب جرعة الأنسولين، ويتم تغيير ال (اي بورت) كل 3 أيام حتى يعمل بكفاءة عالية ومنعاً لحدوث أي التهابات، ويعتبر (آي بورت) وسيلة فعالة لحقن الأنسولين فقد يقلل من الحواجز النفسية والجسدية؛ فلا يعتري المريض الشعور بالألم أو الملل من الحقن مباشرة في الجلد. ولا تزال في جعبتنا المزيد من الأجهزة الحديثة التي تساهم في ضبط السكري، ومن أهم الأجهزة والتي حظى بموافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية جهاز (ديكسكوم ج 5) والذي يعمل على مراقبة الجلوكوز بشكل مستمر وهو نظام يعمل على رصد قراءات المرضى المصابين بسكر النوع الأول أو الثاني كل 5 دقائق، كما يعمل على تسجيل وحفظ جميع القراءات ومشاركتها عن طريق أجهزة الهاتف الذكي أو أجهزة الكمبيوتر، وقد اعتمد استخدامه للأطفال الأكبر من عامين، وللكبار في السن، ويتكون الجهاز من ثلاثة محتويات رئيسية: حساس صغير، ناقل، وجهاز العرض، فالحساس يوضع تحت الجلد لقياس مستوى السكر في الجسم، أما الناقل فيعمل على إرسال القراءات دون الحاجة لأسلاك إلى جهاز الهاتف أو الكمبيوتر، وأخيراً جهاز العرض يعمل على عرض نتائج التحاليل في شكل بياني تمكنك من قراءة تحاليل السكر اليومية بسهولة، فقد أصبح من السهل على الأهل مراقبة مستوى سكر أبنائهم عن بعد خاصةً خلال أيام الدراسة، كما أصبح بإمكان الأطباء كذلك متابعة سكر المريض عن بعد وإمكانية التدخل في الحالات الطارئة. إن هذا التطور الملحوظ في إيجاد طرق ووسائل تساعد المريض في الالتزام بإجراء التحاليل اليومية للسكر وبشكل مستمر هو البداية الجديدة والطريق المحفز للمرضى في تبني أسلوب صحي في التعامل والتحكم بمرض السكري والحد من مضاعفاته. * قسم خدمات التثقيف الصحي