تترقب الأندية السعودية فترات تسجيل اللاعبين الصيفية والشتوية بفارغ الصبر، لدعم صفوفها باللاعبين المحليين والأجانب، وعلى الرغم من الأزمة المالية التي تعاني منها أنديتنا إلا أنها لم تتخل عن عادتها السنوية بكثرة الاستقطابات المفيدة منها وغير المفيدة، هذه "العشوائية" من قبل إدارات الأندية تسببت في ارتفاع الديون ووصولها إلى ارقام كبيرة باتت تمثل عبئاً على الأندية وأرهقت خزائنها، ولعل مايثير حفيظة كل المهتمين بشأن رياضتنا أن كثيرا من الصفقات هي "مقالب"، لا تستحق ربع المبالغ التي دفعت لها، فأصبحت الخسارة مضاعفة، مالية من ناحية وفنية داخل المستطيل الأخضر من ناحية أخرى. يقول نائب رئيس الشباب السابق الدكتور فهد القريني: "ارتفاع عقود اللاعبين أمر ليس وليد اللحظة، له فترة طويلة وبدأ بالتحديد عندما دخل رجال الاعمال إلى الرياضة السعودية، وكان هناك ايضاً خلل في نظام الاحتراف في ذلك الوقت، إضافة إلى التغير الذي طرأ على لوائح لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم وتغيير بعض المواد، خصوصاً المادة 18، بدأ التنافس بين رجال الاعمال في استقطاب اللاعبين المحليين، وتسبب ذلك في ارتفاع اسعار عقود اللاعبين بشكل مبالغ فيه، اصبحت هذه الظاهرة مستمرة حتى وقتنا الحاضر، وللاسف لم يستطع اتحاد الكرة ولا لجنة الاحتراف في التعامل مع هذا الموضوع وتقليل تكلفة عقود اللاعبين، واتمنى من الاتحاد الجديد برئاسة الدكتور عادل عزت أن يعيد النظر في نظام الاحتراف". وأضاف: "لجنة الاحتراف وضعت حدا اعلى لعقود اللاعبين السعوديين، لكن للاسف لا يتم التقيد بالحد، إذ نرى مضاربات وصراعات على اللاعبين بأرقام مالية كبيرة، وأمام الملأ ولا تتدخل لجنة الاحتراف ولا اتحاد القدم، لذلك ان لم يتم ضبط هذه الأمور ستستمر الأسعار المرتفعة حتى يجد الاتحاد الجديد طريقة للحد من المضاربات والمزايدات خارج اطار الحد الأعلى للمرتبات، وكثرة استبدال اللاعبين الأجانب والمحليين ارى أنه من اخطر القضايا التي تواجه الكرة السعودية، وسببت الكثير من المشاكل المالية سواءً دولياً أو محلياً، من يسوق للاعبين هم الوكلاء والسماسرة، للأسف الأندية لا تستطيع ان تختار اللاعبين انما تعتمد بشكل اساسي على السماسرة، والواحد منهم يحاول بقدر الامكان رفع سعر اللاعب حتى يحصل على عمولة اكبر، الاندية لا توجد لديها ادارات فنية او مسؤول فني يحدد اختيارات الفريق واللاعبين الاجانب لذلك نجد كثيرا منهم يأتون بمبالغ مرتفعة وتستغني عنهم الاندية بسرعة وتتحمل مبالغ عالية جداً من مرتبات وشرط جزائي، واصبحت هذه الظاهرة موجودة في كل الأندية السعودية صغيرها وكبيرها، تختلف فيها الأرقام نسبة وتناسب بحسب النادي وحجمه لكنها في الأخير تؤثر على ميزانيات هذه الاندية". واستطرد: "لابد من ضبط الوضع إذا ما اردنا تصحيح حال أنديتنا من هذا الجانب، وان يكون هناك نظام واضح لتقييم اللاعب الأجنبي الذي يلعب في الملاعب السعودية، نشاهد في بعض الاتحادات الاوروبية هناك معايير لابد من ان تنطبق على اللاعب الأجنبي من اجل اللعب والاحتراف في ملاعبهم، على سبيل المثال الدوري الانجليزي لا يسمح باستقطاب اللاعب الذي لا يوجد لديه مشاركات دولية مع منتخبه، حتى المشاركات الدولية محددة بعدد من المباريات، أرى بأنه لابد ان يتم وضع معايير لاختيار اللاعبين الاجانب، ويوضع سقف أعلى للمبالغ التي تدفع للأجانب ويراقب هذا السقف، ليس كل لاعب بالإمكان احضاره إلينا، وأن يكون السقف مثلاً لا يزيد صرف النادي على اللاعبين الأجانب خلال العام على 20 مليون ريال، تحضر لاعبا بهذا الرقم أو اربعة هذا يعود للنادي الأهم لا يتجاوز صرفك عن هذا الرقم". واختتم القريني حديثه بقوله: "السقف الاعلى يفترض أن يحدد الاتحاد المبالغ التي تصرف على اللاعبين المحليين، مثلاً الا يتجاوز 40 مليونا سنويا، والأجانب 20 مليون ريال على سبيل المثالي، وبالتالي نستطيع ان نحصر المبالغ التي تصرف على اللاعبين ب60 مليون ريال سنوياً، بهكذا تنظيم يستطيع اتحاد الكرة الحد من المضاربات على اللاعبين، وترشيد الصرف المبالغ فيه على اللاعبين، اعتقد هذه ربما تكون احد الحلول المناسبة للحد من ظاهرة زيادة مرتبات اللاعبين، وسنضمن أن الاندية تستفيد وترشد المبالغ الكبيرة التي تصرفها في كل موسم". القناعات تربك العمل يرى المدرب الوطني والناقد الفني تركي السلطان أن اختيار الأسماء التي ستمثل أي فريق يجب أن يتم بعناية فائقة، وقال: "لابد للأندية أن تعمل بشكل جيد في فترة التعاقدات الصيفية وأن تكون تعاقداتها وفقاً للاحتياج الفني، صحيح أن ثمة ظروف تحضر مثل تأخر الارتباط بمدرب جديد وهذا يدفع الإدارات للتصرف وإبرام التعاقدات وهذا لا بأس به خصوصاً إن حدث مع وجود أشخاص فنيين يمكنهم المساهمة في الاختيار من خلال رؤية فنية جيدة، ولكن هذه الطريقة يجب أن لا تحدث إلا مع أسماء محدودة للغاية حتى لا تصطدم الإدارة برفض المدرب لتواجدهم، ونحن نذكر جيداً أن حادثة حصلت مع فريق الرائد عندما تعاقدت الإدارة مع عدد من اللاعبين وبعد حضور المدرب أبعد معظم اللاعبين ما تسبب بإرباك كبير للعمل وخسائر حتى على الصعيد المالي". وعن عدد الأسماء المطلوب تواجدها في كل خانة قال: "أعتقد أن وجود اسمين إلى ثلاثة بالكثير يعتبر أمرا كافيا، المشكلة أن المدربين أحياناً يطلبون تواجد أسماء صاعدة لكنهم لا يعطونهم الفرصة بالمشاركة ويحرمونهم من اللعب مع الفريق الأولمبي ومن فرصة الإعارة، تعاني بعض الفريق من تكدس عدد كبير من العناصر في خانة معينة ونقص في خانات أخرى وهذا أمر غير جيد". وأضاف: "بالنسبة لفرق المقدمة فهي تتمتع بتواجد لاعبين مميزين وتعاقداتها محدودة مطلع كل موسم، أو في حال وجدت الفرصة مناسبة لاستقطاب اسم كبير في منتصف الموسم مثلما فعل الأهلي مع الحارس محمد العويس، لكن المشكلة تكمن في فرق الوسط والمؤخرة، فنجدهم غالباً يضمون أكثر من عشرة أسماء في الفترة الصيفية وربما يتم تكوين فريق جديد وهذا أمر غير جيد ويتسبب بغياب الاستقرار فضلاً عن الخسائر المالية الكبيرة، في حين أنه من المفترض أن تكون تعاقدات الفترة الشتوية محدودة للغاية وهذا لا يحدث خصوصا في أندية الوسط والمؤخرة التي تتعاقد مع أسماء بالجملة". ويرى السلطان أن أسعار عقود اللاعبين تعاني من تضخم نسبي، متابعاً: "الأسعار لدينا شهدت ارتفاعات وتضخماً لا يوازي عطاء وإمكانات اللاعبين، الذين لا ذنب لهم في ذلك نتيجة تنافس الأندية على خدماتهم، هذا يحد من إمكانية احتراف اللاعب خارجياً، فاللاعب عند حصوله على عقد مجز يفقد حافز الخروج والبحث عن فرصة اللعب خارجياً، فطالما أنه بين أهله ويتقاضى مرتباً سنوياً جيداً لن يكون مضطراً للعب خارج المملكة، والأندية الأوروبية لن تدفع مبالغ مثل التي تدفعها الأندية السعودية في سبيل تواجد لاعب سعودي في صفوفها". الفنيون غائبون من جهته يؤكد قائد الرائد والمشرف السابق على الفريق أحمد غانم على أنه من المهم التساؤل عن وجود شخصيات فنية في الأندية تعرف التفاصيل الفنية، وقال: "أعتقد أن الفنيين غائبون عن المشهد ولا علاقة لهم بالاختيارات التي تأتي كثيراً عبر الإداريين وأعضاء الإدارة، الصفقات تعقد بالكم لا بالكيف، وهذه مشكلة كبيرة، بدليل وجود تدوير لعدد كبير من الأسماء بين الأندية في الفترة الشتوية، إذ نجد أن لاعبين يوقعون لنادٍ بعينه صيفاً ويغادرونه في السوق الشتوية وهذا يكشف عن عشوائية في الاختيار وغياب لدور الفنيين". ويتابع: "نجد أن بعض الأندية ومسيريها يتباهون بالتعاقد مع لاعبين يصل عددهم 15 أو 20 لاعباً، في وقت لا يملك النادي القدرة المالية، مع العلم أن الفريق لا يحتاج سوى لنصف العدد أو أقل وبالإمكان الإبقاء على بعض العناصر لتعزيز الاستقرار، وهذه الحركة الدؤوبة ساهمت في ارتفاع أسعار عقود اللاعبين، فالأسعار أصبحت غير منطقية وغير عادلة على الإطلاق، بالمقاييس الفنية أعتقد أن أبرز لاعب سعودي لا يجب أن تتجاوز قيمة عقده السنوية مليونين إلى ثلاثة ملايين ريال قياساً بالفائدة والعائدين الفني والمالي على الفريق، صحيح أن هناك حدا أعلى أقرته لجنة الاحتراف لكن معظم الأندية لا تلتزم به". وعن العقود التي تبرمها الأندية من دون استشارة المدربين يقول: "لست مع إعطاء المدربين الصلاحيات المطلقة في التعاقدات، ولكني أؤيد أن يكون المدرب على معرفة وإطلاع وأن يكون رأيه حاضراً وأن يوضح احتياجاته، خصوصاً وأن بعض الأندية تتعاقد مع المدربين قبل المدرب بأسبوع أو اثنين، لو حضر المدربون باكراً وكانوا على إطلاع كامل على شؤون الفريق وخلال فترة كافية لكان من المنطقي منحهم الصلاحيات بشكل كبير، لكننا نصطدم بإلغاء عقود هؤلاء المدربين بعدما تسببت قناعاتهم بوجود أدوات محددة في الفريق، تختلف عن الأدوات التي يحتاجها المدرب الذي يخلفه ونستمر في هذه الدوامة مع ثلاثة أو أربعة مدربين في الموسم الواحد، الهلال مثلاً تعاقد مع المدرب الأورغوياني غوستافو ماتوساس وكان يفضل التعاقد مع لاعبين بالوسط، لكن الأرجنتيني رامون دياز حضر بقناعة مختلفة". ويضيف: "هناك صفقات تدخل في نطاق المنافسة الحادة ونشاهد الأندية تتحدى بعضها للحصول على لاعبين ليس من أجل حاجة فنية ولكن من أجل هزيمة المنافسين خارج الملعب وكسب "الشو" الإعلامي، لكن أظن أن هذا التوجه سيختفي مع تراجع القدرات المالية للأندية وتراجع دعم كثير من الشرفيين وستختفي مع الوقت، أيضاً لا بد من الإشارة لتكديس اللاعبين في بعض الأندية الذي حرمنا من رؤية أسماء شابة تحتاجها الكرة السعودية، أعتقد أنه لا يوجد فوارق فردية كبيرة بين اللاعبين الذين يشاركون وبين معظم الأسماء الشابة لو مُنحت الفرصة". ويرى غانم الذي كان مسؤولاً عن ملف الاحتراف في ناديه أن أرقام العقود ستنخفض بشكل ملحوظ مع مرور الوقت بقوله: "من المنطقي أن تتراجع الأسعار لعوامل عدة، أبرزها تراجع المداخيل خصوصاً الدعم الشرفي، وارتفاع فاتورة المديونيات التي تسعى هيئة الرياضة لكبح جماحها بجانب أننا مقبلون على تخصيص الأندية، هذه عوامل ستسهم في جعل عملية اختيار اللاعبين مقننة للغاية ومبنية على نظرة فنية صرفة، لكن حتى نرى ذلك سائداً على أرض الواقع نحتاج لبعض الوقت". القريني: اقتدوا بالإنجليز وأصلحوا حال الاحتراف السلطان: المواهب محرومون والتكديس أضر بالأندية غانم: الأسعار مرتفعة والإداريون تحولوا إلى فنيين