أقر مجلس الوزراء في جلسة يوم الاثنين الماضي الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون التي من المقرر أن يبدأ العمل بها عام 2018. وعلى ما يبدو لي فإن الصعوبة ليس في الأساس، ففي نهاية المطاف هناك 150 بلداً في العالم يطبقها بنجاح، وإنما في الآلية. والسبب هو خصائص الدورة الاقتصادية في دول المجلس والتي لا تزال تلف حول النفط. فهذه الضريبة، كما نرى، قد جاء الاهتمام بها بعد انخفاض أسعار النفط وتقلص الإيرادات الحكومية؛ الأمر الذي أثر على الإنفاق الحكومي الذي يبث النشاط في كافة مفاصل الحياة في بلداننا. ولذلك فإن ضريبة القيمة المضافة يفترض أن تأخذ خصائص الدورة الاقتصادية في دول المجلس. فمثلما نعلم فإن السياسية المالية عند الأزمة في الدول الصناعية تكون عادةً توسعية، يزيد خلالها الإنفاق وتنخفض الضرائب، لتشجيع المستهلكين على الإنفاق وقطاع الأعمال على الاستثمار وبالعكس تكون انكماشية، خفض الانفاق ورفع الضرائب، عند الازدهار لاحتواء التضخم. وهذا من الصعب تطبيقه في دول المجلس طالما النفط هو أساس الدورة الاقتصادية. لأن انخفاض أسعار النفط الذي يؤدي إلى الازمة لا يسمح في نفس الوقت بزيادة الإنفاق وذلك على العكس من مرحلة الازدهار التي يكون الإنفاق الحكومي فيها عند الذروة نتيجة ارتفاع أسعار النفط. ولهذا فنحن لو نعكس مؤقتًا ما يتم تطبيق في البلدان الصناعية فإننا قد نحقق نتائج أفضل. ففي وقت الازدهار؛ أي ارتفاع أسعار النفط الذي يزداد فيه الانفاق الحكومي يمكن فرض ضريبة القيمة المضافة فهذا من شأنه أن يشجع قطاع الأعمال على الإنتاج وخاصة قطاع الصادرات لأن ضريبة القيمة المضافة لا تفرض إلا على المبيعات المحلية من جهة، كما أن هذه الضريبة هي بمثابة تعرفة جمركية غير مباشرة على الواردات لا تتعارض واحكام منظمة التجارة العالمية من جهة أخرى. خصوصاً وأن توسع الانفاق الحكومي من شأنه أن يحد من الجانب الانكماشي للضرائب. أما في حال تراجع أسعار النفط والتي سوف يتبعها تراجع الانفاق الحكومي فإن ضريبة القيمة المضافة يمكن أن تقلص او حتى تلغى حتى لا ينكمش الاستهلاك ولا يتراجع الاستثمار. واعتقد أن البدء بتطبيق ضريبة القيمة المضافة العام القادم 2018 سوف يكون مؤاتيًا. فأسعار النفط يتوقع لها أن تصل إلى 70 دولارًا للبرميل وهذا يعني إن الانفاق الحكومي التوسعي سوف يعوض عن الانكماش الذي سوف يحدثه الأثر الضريبي. وهذا التوجه يمكن مواصلته حتى عام 2030. فبعد إعادة هيكلة الاقتصاد تصبح الآلية المتبعة في البلدان الصناعية ممكنة.