تنتظر العاصمة الرياض انطلاق مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل مارس المقبل، الذي ترتكز فلسفته على معايير الجمال للإبل المُشاركة، ويُعد من أكبر المهرجانات السنوية التي تحتضنها الرياض في هذا المجال، وكان ينظم سابقاً بحضور واهتمام شريحة كبير من المجتمع، خاصة ملاَّك الإبل، ممن يهتمون بتفاصيل جمالها المتعارف عليها في الجزيرة العربية والخليج العربي. وتظهر خلال العام الحالي 2017م، هذه الفعاليَّة بحلةٍ جديدة، وتنظيم متطور بإدارة المهرجان من قبل دارة الملك عبدالعزيز باعتبارها حضناً أصيلاً للتراث والتاريخ في الجزيرة العربية، لذا قلبت فلسفة مزايين الإبل وفق مقاييس وآليات حديثة، أثبتت فيها أن التقنية باتت حاضرة بقوة من خلال التجارب مع آليات التسجيل الإلكتروني للمشاركين في جائزة المزايين ومن يرغبون بإحضار إبلهم إلى موقع المهرجان بقصد البيع أو المشاركة في الفعاليَّات. إطلاق مبادرة «أدم نعمتك» لوقف المبالغة بمظاهر الترف في الولائم وأتت نتائج هذه الآليَّات سلسة وعالية، فاقت التوقعات بوصول عدد الإبل المسجلة إلى رقم قياسِ عالميًّا، كأوَّل، مهرجان من نوعه يصل عددها فيه إلى (50351) متنا" من الإبل، منها (20093) متنا" سُجلت لأغراض البيع والترفيه، فيما سجل (30258) متنا" للمشاركة في المزايين، وتنّوع عدد المسجلين للمشاركة من الملاَّك بين سعوديين وخليجيين. وتظافرت جهود جهات حكومَّية سعودية عدة ضماناً لنجاح المهرجان، منها وزارة الداخلية، البيئة والمياه والزراعة، الصحة، وغيرها من الجهات ذات العلاقة التي تعاونت مع إدارة المهرجان. وجاء دور البيئة والمياه والزراعة رئيساً في تحقيق المشروع الوطني لإحصاء الثروة الحيوانية، الذي تضطلع به الوزارة، فكان عملها ملموساً في مراحل المهرجان كافة، وإضافةً إلى دورها الإحصائي تولت تركيب الشريحة الإلكترونية للإبل المُسجَّلة، بعد نجاح تجربتها بترقيم الخيول في السعودية. ويأتي الفحص الطبي في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، أهم مراحل العمل للتحضير للمهرجان، حفاظاً على الصحة العامة من انتقال العدوى الفيروسَّية بين البشر والإبل، لذا أوصتا "البيئة والمياه والزراعة" و "الصحة" بعدم إحضار الإبل التي تقل أعمارها عن سنتين إلى موقع المهرجان، باعتبار أنها الأكثر عرضةً للإصابات الفيروسية وبالتالي تُعدُّ ناقلاً محتملاً لها. ونتيجة لأهمية المهرجان ومستوى الاهتمام به وجوائزه المختلفة؛ فإن بورصة الإبل ارتفعت بحوالي 70% في الأسواق المتخصصة، ويأتي هذا الارتفاع كأعلى ارتفاع تشهده سوق الإبل في السعودية مقارنة بالمهرجانات السابقة، وقد يفسَّر ذلك بأن هذه السنة جاء المهرجان بتنظيمات مختلفة رفعت من جديّة الطلب في سوق الإبل على الشراء، خاصةً للإبل التي تخصص عادة لمقاييس الجمال، لذا قسمَّت إدارة المهرجان السوق المصاحب في موقع الحدث، لعام تباع فيه الإبل، وخاصة للإبل التي تتجاوز أسعارها 150 ألف ريال، ويتوقع أن يشهد المزاد الخاص إقبالاً كبيراً من قبل تجاَّر الإبل ومقتنيها، بعد أن أصبحت التعاملات الماليّة في السوق مقنَّنة بالتعاون بين إدارة المهرجان ومؤسسة النقد السعودي، وبحضور واسع لأفرع البنوك السعودية. وحرصاً من إدارة المهرجان على الظهور بما يتوافق مع القيَّم الدينية والاجتماعية؛ أطلقت مبادرة "أدم نعمتك" التي تهدف إلى الترشيد في الطعام وعدم المبالغة بمظاهر الترف في الولائم، حفاظاً على ديمومة النعم. وفي سَّياق المبادرات التي حرصت عليها إدارة المهرجان جاءت مبادرة "لا ترمِ الكيس" للحفاظ على البيئة الصحراوية من رمي المخلّفات، خاصة أكياس الأعلاف التي يُتوقع كثرتها في الموقع نتيجة استهلاك الإبل التي تصل أعدادها لأكثر من 50 ألف متن، حيث حضَّرت الإدارة بالتعاون مع شركائها في المبادرة من وزارة البيئة والمياه والزراعة وشركات الأعلاف؛ لكل من يساهم في تسليم خمسة أكياس مقابل مادي يزداد بزيادة عدد ما يسلمّه لإعادة التدوير. ولم يغفل في هذه الفعاليَّة الحرص على تجاوز عددٍ من السلبيَّات التي رصدت في مثيلاتها؛ فكانت الشروط والضوابط جامعةً ومانعة لها بتطبيق عدد من الإجراءات التي تضمن عدم التجاوز، والظهور باللائق والمتوائم مع قيَّم وعادات وتقاليد المجتمع السعودي. وأخذت إدارة المهرجان، إدارة الحشود البشرية ضمن أولوياتها بالتعاون مع الجهات الأمنية في وزارة الداخلية السعودية، إذ تنتظر أرض المهرجان عدداً من الزوار قد يصل إلى (20) ألف زائر يومياً، يزداد خلال أيام العطل الأسبوعية وإجازة الربيع التي ستتخلل توقيت الفعاليّة، إضافة للزوار من المهتمين بالإبل والأسر السعودية التي سيكون نصيبها وافراً في فعاليات المهرجان؛ فإن المهرجان سيشهد حضور خبراء ومشاهير ورجال أعمال من مختلف دول العالم. وفي موضوع ذي صلة، تطلق إدارة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل الاستديو التحليلي الخاص بفعالياتها ومسابقاتها، وعلى رأسها جائزة الملك عبدالعزيز لمزايين الإبل، التي يُنتظر أن يتنافس عليها عدد كبير من ملاك الإبل في المملكة والخليج العربي. ويأتي الاستديو لتقديم نظرة شاملة لكل ما يتعلق بالإبل المرشحة وأشواط السباق، والإبل التي تشارك لأول مرة، ودرجات قوتها وسجلها البطولي في كل المشاركات وفئات المنافسات المختلفة. وكشف المتحدث الرسمي للمهرجان د. طلال الطريفي عن أنه تم اختيار فريق عمل البرنامج وفق معايير عالية من خلال اختيار فريق تقديم متخصص ويتمتع بمهنية وخبرة طويلة في مجال تقديم البرامج المماثلة، إضافة إلى ضيوف متنوعين وحياديين من المهتمين بالإبل والمتخصصين من وزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة الصحة، لتسليط الضوء على كل ما يهم الفعاليَّة من مسابقات وإجراءات وتنظيم. وأضاف الطريفي بأن الإعداد للاستديو جاء ليظهر بصورة جيدة تحقق الهدف الأساسي من إقامته مصاحباً للفعاليات أولاً بأول، وإيصال رسائل توعوية للملاك وتحديد نقاط الضعف والقوة لكل منافسة. وأكد أنه سينطلق بشكل دوري، مرتين تقريبا في الأسبوع، كل أربعة أيام، حيث سيبتدأ قريبًا ببثٍ مباشر، وبعد بدء المهرجان سيكون الاستديو يومي لتغطية الحديث ومواكبة تفاصيل السباق.