افتتح القائم بالأعمال بالإنابة لدى سفارة خادم الحرمين الشريفين في لبنان المستشار وليد بن عبدالله بخاري في بيروت امس، الملتقى الثقافي السعودي اللبناني الثاني تحت عنوان "لبنان يجمعنا". وألقى المستشار بخاري كلمة في مستهل الملتقى أكد فيها أن الإسلام هو خارطة طريق نحو القيم السامية والحوار بين مختلف أتباع الديانات والحضارات والثقافات. وقال: "إن القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية اعتنت بجملة أمور أساسية منذ تأسيس البلاد كانت بمثابة المرتكزات والملامح الأساسية للسياسة الخارجية السعودية وظهر ذلك جلياً في التحولات السياسية الدولية المعاصرة ومن ذلك التحرك المستمر من أجل السلام والأمن الدوليين ورفض الممارسات التي تهدد السلام العالمي أو تكرس الظلم والعدوان". وأضاف بخاري: إن ملتقى "لبنان يجمعنا" يستكمل مسيرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - ورؤيته التي تجلت بإطلاق مبادرته للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وإن مأسسة هذه المبادرة توّجت بإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات". ثم ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى كلمة قال فيها: "إن اللقاء الثقافي المنعقد هذا اليوم في لبنان بحضور ممثلي الطوائف الدينية، جاء لتعزيز التبادل المشترك الثقافي والروحي والإنساني والقِيَمي واستذكار مصلحة الدولة الوطنية وأن نؤمن جميعاً بضرورة التعايش تأسيساً على أهمية تعميق الإيمان بسنة الخالق جل وعلا في الاختلاف والتنوع والتعددية مع أهمية بلورتها لتكون في سياق المحبة والإثراء لا الكراهية والإقصاء"، مبيناً أن الإسلام تعايش بوسطيته واعتداله مع الجميع. وأضاف: "إن سقف الوعي يرتفع كلما فعَّلنا منطق الأولويات ومنطق التسامح وأنه متى اختل هذا المنطق ولَم يشكل ثقافة ووعياً صار شكلاً من أشكال التطرّف، والتطرف متعدّد المسارات والمستويات وما لم يتداركه المنطق الواعي تطوّر وتهور في سياق تِيْهِ الفعل الضار، وأن وحي الخالق سبحانه ومنهج الحكمة الداعي إليه لم يكن داعياً للصدام والصراع ولَم يواجه في تحركه الإصلاحي إلا الظلم والاضطهاد والفوضى ولَم يكره أحداً على الدين بل قرر قاعدة الإسلام الثابتة أنه لا إكراه في الدين". ابن معمر: دعم ومساندة ترسيخ السلام والتعايش ارتبط بالمملكة منذ تأسيسها كما ألقى معالي الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الأستاذ فيصل بن معمر كلمة قال فيها: "إن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - كانت وما زالت تواصل دعمها ومساندتها لما يخدم الأمتين العربية والإسلامية والعالم لترسيخ السلام والتعايش الذي ارتبطت به المملكة منذ تأسيسها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وحافظ عليها ملوك المملكة في كل المراحل التاريخية، بما منحها الله من شرف خدمة الحرمين الشريفين واحتضانها لقبلة المسلمين وخدمتها لأكثر من مليار وستمائة مليون مسلم، وبما تساهم به عالمياً من جهود سياسية واقتصادية لترسيخ الأمن والسلام للبشرية جمعاء، بإطلاق مبادرات محلية وإقليمية وعالمية لمكافحة الإرهاب ولمعالجة التطرّف والحد منه وترسيخ الوسطية والاعتدال ونشر ثقافة الحوار دينياً وتعليمياً وثقافياً واجتماعياً، بحيث تشمل جميع فئات المجتمع بمختلف توجهاتهم الفكرية والمذهبية، ويشارك في تلك الجهود مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على المستوى المحلي. كما تقوم المملكة بجهود متعددة لترسيخ الحوار والتعايش بين المسلمين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم". وأضاف: "إنّ مبادرة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات استغرق العمل فيها أكثر من سبع سنوات قبل تأسيس مركز دائم للحوار (مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات) عام 2012، حيث تتلخص رسالة المركز في كونه منصة دولية تجمع بين القيادات الدينية وصانعي القرار السياسي بهدف دفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوّع وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم والشعوب، وإنّنا من خلال هذه المؤسسة الدولية نسعى لأن نرسخ العيش الواحد المشترك في ظل المواطنة المشتركة، ولبنان واللبنانيون قدموا أمثلة رائعة في العيش المشترك في ظل الوطن الواحد". وقدم ابن معمر في ختام كلمته الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على دعمه ومساندته لجميع المبادرات الخيرة لبناء السلام وترسيخ الأمن والأمان ودعمه اللامحدود لترسيخ الحوار المحلي والعالمي بما تقدمه المملكة من رعاية ودعم لمبادرات متعددة لخدمة البشرية جمعاء، وإلى القيادات التي شاركت في اللقاء. الشيخ دريان: المملكة ودول التعاون بُعدنا العربي ومتمسكون بعروبتنا لأقصى الحدود وألقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان كلمة قال فيها: أنّه من واجبنا أن نلتقي دائماً في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها في هذا الشرق الذي يعاني اليوم من تحديات كبيرة تستهدف في هذه الظروف أدياننا جميعاً، وتستهدف إنساننا العربي ومجموعة القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية التي يحملها أتباع الديانات والثقافات، فنحن أمام تحد كبير لتعزيز فقه العيش بين أتباع الديانات في هذا الشرق، ونحن على استعداد تام لمواجهته بما لدينا من روحية الرسالة السماوية التي جاءت لخير الإنسان وحفظ كرامته". وأضاف "إننا متوافقون في لبنان على المحافظة على السلم الأهلي والعيش الواحد المشترك لنقدم بذلك نموذجا فريداً بفقه العيش ليس فقط للدول العربية الشقيقة إنما لدول العالم اجمع، إننا حققنا نجاح هذا النموذج الفريد". ومضى الشيخ دريان يقول: لقد تحاورنا كثيراً بتعددنا الديني وتشاركنا جميعا بحوارات دينية وتوصلنا إلى أن هناك اختلافاً دينياً لكن هذا الاختلاف نريده أن يكون مساحة إثراء للعيش الواضح في ما بيننا"، مضيفاً "إننا متضامنون مع المملكة العربية السعودية، ولن نكون إلا إلى جانبها وإلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي، فأنتم بُعدنا العربي ونحن متمسكون في عروبتنا لأقصى الحدود". بدوره عبّر المطران بولس مطر، ممثل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، رئيس أساقفة بيروت للموارنة عن شكره للمملكة على ما تقدمه لأشقائها العرب"، مؤكدا أن مساعي المملكة يعول عليها اللبنانيون كثيرا. وأضاف: "في لبنان تعودنا على التلاقي ونفخر ونعرف تماما ما هو الإسلام الحقيقي وإن صورة الإسلام ناصعة في قلوبنا لأن الإسلام إنسانية وانفتاح على الجميع، لذلك يجب أن نعتبر أن الإسلام لا يقبل التطرف لا ظرفيا ولا بأي شكل كان، والتطرف لا علاقة له بالاعتدال، فالتطرف الآتي سيزول كما أتى". حضر الملتقى سفراء عميد السلك الدبلوماسي العربي سفير دولة الكويت عبد العال القناعي، وسفير دولة الإمارات حمد بن سعيد الشامسي، وسفير دولة قطر حمد المري، والقائم بأعمال سفارة سلطنة عُمان خالد حاردان.