عالمية الاقتصاد، واقتصاد العولمة.. مفهومان يؤكدان أن لاحدود للعلاقات الاقتصادية، كما السياسية.. بل إن الأولى غدت مسيرة ومتحكمة في الثانية، الأولويات المتحدة الاميركية اختارت أحد أثريائها ورجال الأعمال الكبار ليكون رئيساً، وبريطانيا فضلت الخروج عن اتحاد اليورو مقابل مكتسبات اقتصادية داخلية ترى أنها أهم من التجمع الأوروبي الاقتصادي. دافوس.. المدينة التي تفاخر بمنصتها السنوية الاقتصادية من الساسة ورجال الاعمال من 70 دولة، تحول منتداها الذي انطلق أمس إلى مماحكات تعكس صورة العولمة الاقتصادية الشرسة بين الصينوالولاياتالمتحدة الاميركية.. الرئيس الصيني في خطابه يحذر من حرب تجارية لن يكون فيها رابح؛ خاصة إذا طبقت الولاياتالمتحدة إجراءات حمائية اقتصادية، مؤكداً على أهمية "إدارة العولمة وليس الحط من شأنها"، حيث يبعث برسالة مهمة إلى كل دول العالم وهي أن "لا فائدة من اتهام العولمة الاقتصادية بأنها سبب مشاكل العالم.. هذا لن يحل المشاكل"، ذاك أن اقتصاد الصين وصناعتها تطبيق حرفي للعولمة، بتصدير بضاعتها إلى كل أرجاء الكرة الأرضية. في المقابل فإن السياسة الجديدة للرئيس الأميركي ترى أن التوجهات المقبلة "لا تريد حرباً اقتصادية وإنما مزيد من الأرباح من خلال علاقاتها التجارية مع الدولة الآسيوية العملاقة". أمام ذلك أين نقف نحن؛ لاشك أن المملكة أحد الدول العشرين المؤثرة اقتصادياً في العالم، درجة التأثير الأولى هي مقدرتنا وقدرتنا النفطية – خُمس احتياطي النفط في العالم سعودي - التي تغذي عددا من الدول الأوروبية - الأميركية والآسيوية.. ففي ذات المنصة السويسرية "دافوس" يؤكد وزير الطاقة خالد الفالح أن الطلب على النفط جيد والسوق يتحرك في الاتجاه الصحيح. النفط أحد أهم الموارد الأساسية للمملكة؛ وهو أيضاً سلعة رئيسة وأساسية لدول أخرى صناعية تعتمد عليه، هذه إحدى صور العولمة التي تقوم على مصالح اقتصادية بحتة، وفي نفس الوقت تعزز مكانة المملكة بوصفها مزوداً رائداً وموثوقاً للطاقة على مستوى المشهد العالمي. حسناً.. طالما أن هذه الريادة تعتمد في الأساس على قدرات إنتاج للطاقة، فإنه من الضروري أن يكون إنتاجاً متنوعاً – وفقاً لرؤية 2030- للوصول إلى "تنويع متوازن لمصادر الطاقة"، ولعل بدء العمل يجعلنا نتفاءل أن قطار برنامج التحول 2020 انطلق بالفعل.. أمس الأول وزارة الإسكان تطرح أكبر عدد من المنتجات السكنية ضمن "البرنامج"، واليوم شركة أرامكو تدشن أول مولد للكهرباء يعمل بطاقة الرياح، من المهم الإدراك أن تنوع مصادر الطاقة يعزز من قوتنا الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم.