كثير من الرحالة والجيولوجيين وغيرهم أحبوا الصحراء لكن العالِم الذي أتحدث عنه عشق الصحارى العربية بشكل علمي عميق وقضى جل حياته لدراستها. حصل على شهادة البكالوريوس من كلية العلوم بجامعة عين شمس عام 1958 بالرغم من أنه كان يتمنى الالتحاق بكلية الطب حتى يصبح جراحاً مرموقاً في المخ والأعصاب. تخرج في قسم (الجيولوجيا - والكيمياء) بكلية العلوم التي كان يحبها لقربها من مقر سكنه. بعد تخرجه حصل على منحة لاستكمال دراسته بالولاياتالمتحدة، حيث حصل على درجة الماجيستير في الجيولوجيا من معهد علم التعدين بجامعة ميزوري بالولاياتالمتحدة عام 1961 ثم الدكتوراه عام 1964 في علم المعادن الاقتصادية. تلقي عرضاً جيداً من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) للانضمام إلى فريقها الجيولوجي. طلبت منه وكالة ناسا دراسة الخرائط الخاصة بالقمر، بالرغم من أنه لم يكن يعرف الكثير عن جيولوجيا القمر. لكنه استطاع بالقراءة والبحث وخلال ثلاثة أشهر أن يتعرف على حوالي 4300 صورة للقمر، كما اكتشف حوالي 16 موقعاً يمكن أن يكون صالحاً للهبوط على سطح القمر. أوكلت ناسا لعاشق الصحراء مهمتين أساسيتين في رحلات الصعود إلى القمر التي استمرت خلال الفترة من 1967م حتى 1972م، وهما اختيار مواقع الهبوط على سطح القمر، والثانية تدريب طاقم رواد الفضاء على وصف سطح القمر من الناحية الجيولوجية بأسلوب مبسط، وجمع العينات القمرية وتصويرها بالأجهزة الحديثة. بعد نجاح تجربة أبولو لصعود القمر واكتشافه، دخل عاشق الصحراء التاريخ من أوسع أبوابه، حيث ظل اسمه يتردد في وسائل الإعلام بالولاياتالمتحدة والإعلام العالمي. وهكذا تم اختياره في عام 1973م ليكون مسؤولاً عن المراقبة الأرضية وتجارب التصوير الفوتوغرافي الخاص بالمشروع الأميركي - السوفياتي (أبولو – سيوز 1975م) والذي كان هدفه تصوير المناطق الصحراوية في العالم، وبخاصة شبه الجزيرة العربية وصحراء شمال أفريقيا. وفي عام 1982 التحق بمؤسسة ايتك ليكون نائباً لرئيس العلوم والتقنية فيها، ثم أصبح مديراً لمركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطنبالولاياتالمتحدة، حيث قام بكثير من الأبحاث والدراسات على الصحارى العربية.. هذا هو عاشق الصحراء العربية ومكتشف المواقع الرئيسة لهبوط رواد الفضاء على سطح القمر.. إنه العالِم العربي الدكتور فاروق الباز، أحد أبرز الجيولوجيين في العصر الحديث، والذي بلغت أبحاثه وأوراقه العلمية المنشورة حوالي (540) ورقة علمية. وتقديراً لهذا العالم الجليل الذي بلغ 79 عاماً من عمره المديد -بإذن الله- أنشأت الجمعية الجيولوجية في الولاياتالمتحدة منذ عدة سنوات جائزة سنوية باسمه أطلقت عليها (جائزة فاروق الباز لأبحاث الصحراء).. تحية إكبار وتقدير لمن عشق الصحراء العربية، تحية لعالم الفضاء الذي قدم للعلم والجيولوجيا عصارة جهده وخبرته الواسعة.