د. محمد مسعود القحطاني تعتبر ميزانية 2017 أكثر الميزانيات تفصيلاً في تاريخ المملكة نظراً لما حملته من مرتكزات أساسية ومن أهمها الإصلاح الجاد ومواكبة برنامج التحول الوطني 2020 وتفعيل رؤية المملكة 2030 وقد استندت الميزانية على الشفافية لتحقيق العدالة والتوازن المالي للانطلاق نحو التنمية الشاملة وتنويع مصادر الدخل وتحسين الإيرادات والسيطرة على العجز، ولم تغفل هذه الميزانية المواطنين من ذوي الدخل المحدود حيث بادرت بمجموعة من الخطوات لحمايتهم ودعمهم ومن تلك الخطوات إعادة توزيع الدعم ليصل لمستحقيه الفعليين من خلال صرف بدلات نقدية للأسر المؤهلة عبر حوالات مصرفية للمستحقين من أبناء الوطن. كما أن برنامج التوازن المالي لما تغفله الميزانية وركزت عليه وهو أحد برامج رؤية 2030 والذي يوضح خارطة طريق اقتصادية للسنوات المقبلة والذي يشمل إلغاء الدعم الحكومي على منتجات الطاقة تدريجياً مع توفير دعم نقدي مباشر للمواطنين المستحقين حتى لا يتأثروا وعائلتهم بموجة الإصلاح الاقتصادي الكبيرة. كما أسهمت هذه الميزانية في تخفيف العجز في الميزانية إلى 297 ملياراً وذلك لما بادرت به الحكومة واتخذته من خطوات لتخفيف هذا العجز ومنها رفع كفاءة الإنفاق التشغيلي وترشيد الإنفاق على الأجور الحكومية ورفع كفاءة الدعم الحكومي وزيادة الإيرادات غير النفطية. كما أفصحت هذه الميزانية صراحة عن الإيرادات وتوزيعها وفق بنود المصروفات وهذا التوجه يعكس الشفافية التي يعمل بها الجهاز الحكومي. لقد لمسنا في هذه الميزانية الاهتمام بالتنمية الاجتماعية ومحاربة الفساد وتحطيم أبوابه وإغلاق منابعه كما أن بداية تنفيذ خطة الاعتماد على الموارد غير النفطية سيؤدي إلى تخفيض العجز في ميزانية 2018 إلى 16% فقط وزيادة الإيرادات غير النفطية لتتخطى 400 مليار ريال. فنشكر كل من ساهم في وضع هذه الميزانية والتي تعتبر بحق اللبنة الأولى والتأسيس الفعلي للوصول إلى رؤية 2030 ونخص بالشكر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لوضعه هذه الآليات والترتيبات الضرورية لتنفيذ هذه الرؤية وعلى رأس هذا المجلس ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حيث قاد مسيرة التحول الاقتصادي برئاسته لهذا المجلس النشيط ونأمل أن يأتي اليوم الذي يكون العجز في الميزانية صفراً لننعم جميعاً بالرخاء ونبني بلادنا بأيدينا ونخطط لها بعقولنا ونجتمع جميعاً تحت رايتها العالية الخفاقة متحدين متألفين.